أبراج الاتصال.. حقائق غائبة؟!

• الأرق والدوار والغثيان أعراض تلازم الساكنين في دائرتها
• تأثيرات كبيرة على الأطفال أقلها فقدان الذاكرة والنباهة
• لماذا فشلت اللجان الخاصة بمعالجة أضرار الأبراج؟
• البحوث تؤكد التأثيرات الصحية السالبة للأبراج
• مسئول: سنقوم بمراجعة كل الأبراج المنشأة إن لزم الأمر
• متخصص: لابد من وجود ضوابط تحمي حياة الناس وسلامتهم


برج اتصال تُقام على امتداد الوطن لتقوية الاتصال منها
1603 أبراج لشركة زين و705 تابعة لشركة سوداني و1111 تابعة
لشركة (أم تي ان)..

ومن المعروف للجهات العلمية والطبية والصحية أن هنالك أضرار
جمة تسببها هذه الأبراج إن لم يتم الالتزام بالموجهات والضوابط
العامة.. مجلس تشريعي ولاية الخرطوم كوّن لجنة لعمل ورشة
علمية خاصة بمعالجة موضوع الأبراج وطلب من مجموعة باحثين
تقديم أوراق علمية بهذا الخصوص ولكن قتلت هذه المجهودات..
بعدها تم تكوين لجنة أخرى بهدف الاضطلاع على تجربة مصر في
هذا المجال لم تخرج بأي توصيات.. لتقيم بعدها لجنة الإعلام والاتصال
بالمجلس الوطني بالتعاون مع المنظمة العالمية للاتصالات ورشة
عمل في شهر مايو من العام الماضي حول الأبراج وقد خرجت هذه
اللجنة بعد مناقشات جادة ومسؤولة بتوصيات لو تم تنفيذها لخرجت
بنا إلى بر الأمان..
فما هي الأضرار التي من الممكن أن تسببها هذه الأبراج؟
وما هي الضوابط الضرورية لتجنب إشعاعاتها؟
وما هو رأي المسؤولين بهذا الخصوص؟
وهل يحذو السودان حذو بقية دول العالم في هذا المجال؟

كل هذه التساؤلات وغيرها سنحاول الإجابة عليها عبر هذا التحقيق..

قلق كبير
هنالك قلق كبير من المواطنين من الأضرار التي من الممكن أن تسببها
الإشعاعات الصادرة من الأبراج فيقول م.ر من مواطني منطقة سوبا
"سمعنا من وسائل الإعلام المختلفة أن الأبراج التي تشيدها شركات
الاتصالات تسبب السرطان وهي جاثمة بقرب منازلنا فلماذا لا يبين
المسؤولين لنا تلك الأضرار"
أما عائشة على الشيخ من منطقة بحري تقول"الكل يتحدث عن أضرار
تلك الأبراج فهل نحن معرضون لإصابات بأمراض خطيرة في مستقبل
حياتنا سؤال نوجهه للمسؤولين ؟"
أما الحاج علي عبد الله من مواطني الثورة يقول"إقامة مثل هذه الأبراج
وسط الأحياء بسبب قلق دائم لنا نرجو من القائمين عليها إن يقيموها
خارج نطاق الكثافة السكانية حفاظاً على أرواح المواطنين "
أما الحاجة عوضية الشيح فتقول"نحن نتخوف من أن تسقط هذه الأبراج
الكبيرة على رؤوسنا تعالوا وأزيلوها"
هنالك مخاوف
ظهرت المخاوف من أبراج الاتصالات المرتبطة بتقنيات الموبايل خلال
العشر سنوات الماضية خاصة بعد انتشارها في نطاق واسع بين السكان..
فمتى ظهر هذا الخطر وما هي البحوث التي جرت في هذا الشأن
سألنا دكتور صديق تاور كافي أستاذ الفيزياء بجامعة النيلين فقال:
"ظهرت بعد منتصف التسعينات.. حيث بدأ الحديث عن أن لتلك الأبراج
تأثير سلبي على الصحة والبيئة والإنسان والحيوان وخلافهما.. هنالك
عدد من البحوث المعملية وغير المعملية تم نشرها عن تأثير الموجات
المستخدمة في الاتصالات والرادارات والراديو والتلفزيون على الخلايا
الحية على بعض الحيوانات مثل الأرانب والفيران.. وخلال هذه البحوث
حددت هذه الأضرار على حسب نوع الإشعاع المستخدم وحسب كميته
ونتيجة لهذا فإن مخاوف المواطنين هي مخاوف في محلها لأنه من
الثابت وجود تأثيرات وفي نفس الوقت لابد من وجود ضوابط تحمي
حياة الناس وسلامتهم.. "

تأثيرات على الصحة
سألنا دكتور صديق تاور كافي أستاذ الفيزياء بجامعة النيلين عن طبيعة
الإشعاعات المستخدمة في الأبراج ومدى الضرر الذي تسببه،
فأجاب قائلاً
"تصنف تحت اسم الموجات الرادوية وموجات المايكرويف وهي ذات مستوى
تردد في نفس حدود الترددات المستخدمة في أجهزة الإرسال الإذاعي
والتلفزيوني وكذلك أجهزة الرادار.. وهذا نوع من الموجات من المتفق
عليه علمياً بأن تأثير حراري على الخلايا الحية وتأثير غير حراري بمعنى
أنه بمقدار معين يمكن أن يؤدي إلى رفع درجة حرارة الخلية بشكل
مؤذي بالنظام البيولوجي.. وبكميات أقل لا يوجد هذا التأثير الحراري
ولكن يوجد تأثير كهربي ومغنطيسي على هذه الخلايا باعتبار أن هذه
الموجات هي موجات كهرومغناطيسية تتركب من مجالين مجال كهربي
وآخر مغنطيسي.. في البحوث اهتمت لاحقاً بالأثر الصحي وهنالك
استعجال في الربط بين مرض السرطان وهذه الإشعاعات عند بعض
الناس.. لذا فإن النتائج تحتاج إلى زمن للبحث.. وليس من الصحيح أن
نقول إن تلك الأبراج تسبب السرطان فهذا ما تثبته أو تنفيه البحوث لاحقاً
ولكنه يؤثر على الصحة عموماً ويجب أن يأخذ أي تأثير سالب في صحة
الإنسان في الاعتبار"

أرق وغثيان
ما هي الأعراض أو بداية المرض عند الأشخاص المتأثرين بهذه الإشعاعات ؟
يقول دكتور صديق تاور كافي" إن كان هنالك شخص يشعر بدوار أو غثيان
أو أرق كل هذه الأعراض تعتبر تأثراً صحياً والدراسات التي أجريت على
مواطنين مقيمين في مناطق مقربة من الأبراج في حدود ثلاثمائة أو
أربعمائة متر من الأبراج أثبتت وجود هذه الأعراض بينهم..
أيضاً الدراسات التي أجريت على بعض الحيوانات (طيور وفئران) أثبتت
وجود تأثير صحي سالب.. وكل البحوث الجديدة تدعم وجود تأثير صحي
سالب في دائرة نصف قطرها ما بين 300-400 متر..
لذا لا يمكن إنكار وجود آثار صحية سالبة.. ولإثبات أمراض بعينها (السرطان)
يتطلب هذا الأمر جهود بحثية متواصلة.. "

ضوابط عالمية
هل هنالك ضوابط يجب مراعاتها عند إقامة مثل هذه الأبراج؟يقول "لا توجد
ضوابط عالمية موحدة متّفق عليها تماماً في كل البلدان.. ولكن هنالك
موجهات عامة وضعتها لجنة دولية للوقاية من الإشعاع غير المؤين فيما
يتعلق بتقدير كمية الإشعاع التي يجب عدم تجاوزها من وجهة نظر المعدين
لهذه الموجهات.. يراعون فيها فقط ما يمكن أن تسببه هذه الإشعاعات
من تأثير حراري فقط.. وأغفلت التأثيرات الأخرى غير الحرارية أو تعمدت
تجاهلها على الرغم من أهميتها.. من هنا فما هو موجود يعتبر موجهات
عامة فقط غير دقيقة واحجمت الكثير من البلدان في العالم من الأخذ
بها ووضعت لنفسها ضوابط وموجهات قومية خاصة فيما يتعلق بموضوع
الأبراج.. لمقارنة موجهات هذه البلدان مع موجهات اللجنة الدولية المذكورة
نجدها تقدّر كمية الإشعاع الآمنة بمقادير أقل من مقادير اللجنة الدولية
حرصاً على سلامة المواطنين.. "

السودان بدون ضوابط
سألنا دكتور صديق تاور كافي عن مدى وجود ضوابط تحدد كمية الإشعاع
الصادر من أبراج الاتصالات من عدمه فقال" في السودان وعلى حسب
علمي لا توجد الآن أي ضوابط قومية لتحديد كمية الإشعاع.. على شاكلة
ما قامت به البلدان الأخرى.. ولم يبذل الجهد المطلوب للتأكد من عدم
تعرّض المواطنين في الأماكن المحيطة بهذه الأبراج لهذه الإشعاعات..
وهو عمل ما يزال مطلوباً وملحاً وهنالك الكثير من الشكاوى في عدد
من المحاكم لمواطنين بسبب عدم ارتياحهم لوجود الأبراج بجانبهم..
أعتقد أن الموضوع يجب أن يأخذ بجدية لأنه يتعلق بسلامة المواطنين.. "

تأثيرات كبيرة
إقامة الأبراج بالقرب من الرياض والمدارس والمستشفيات هل له تأثيرات؟
يقول الدكتور"من الثابت تأثير الموجات المعنية على الأطفال بحكم حداثة
السن أكبر من تأثيره على الكبار.. وهنالك دراسات أثبتت أن لها تأثيرات
على الذاكرة والنباهة لدى الأطفال.. ولذلك نجد من توصيات لجنة الخبراء
البريطانية التي تشدد على عدم نصب الأبراج بالقرب من المدارس قبل
الرجوع إلى أولياء أمر التلاميذ لأخذ موافقتهم.. لذا ليس من المصلحة
من وجهة نظري إقامة مثل هذه الأبراج بالقرب من رياض ومدارس الأطفال.
. كما أن هنالك تأثيرات لهذه الأبراج على الأجهزة الطبية الالكترونية.. "

حقوق مسلوبة
وعلى من تقع مسؤولية التصديق للأبراج ووضع ضوابطها.؟
يقول دكتور صديق تاور كافي أستاذ الفيزياء بجامعة النيلين " هنالك أكثر
من جهة لديها علاقة بالموضوع أولاً الجهة التي تصدق وتمنح التصديق
لإقامة البرج وأعني الهيئة القومية للاتصالات وهنالك أيضا الجهة التي
توافق على الموقع وأعني الشؤون الهندسية بالمحليات وجهات الاتصال
التي تقوم بإقامة البرج وهذه الحلقات الثلاثة لا يبدو لي أن المواطن لا
يدخل ضمن اهتماماتها عند اتخاذ إجراءاتها..
والملاحظ أن رأي المواطنين لا يهتم به ولا توجد شفافية في معرفة
المواطنين بالتأثيرات السالبة لهذه الأبراج وعن التردد وكمية الإشعاع
الصادر منها.. وهذه من حقوق المواطنين.. "

موجهات عامة
ما هي الموجهات العامة التي يجب أن تراعى عند إقامة الأبراج من وجهة
نظرك الشخصية؟يقول دكتور صديق تاور كافي "الموجهات العامة في
تقديري يجب أن تراعي كل الأطراف المواطنين من جهة وشركات
الاتصالات ومعها السلطات المعينة من جهة أخرى حيث يجب أولا عدم
إقامة الأبراج بالقرب من مناطق السكن في الأحياء والداخليات والمدارس
والاحتفاظ بالمسافة الآمنة التي تمنع تعرّض المواطنين لهذه الإشعاعات..
وعمل مسوحات دورية من جهة مستقلة موثوق بها فنياً للتأكد من انضباط
الشركات بالموجهات الموضوعة.. وتقديم بيانات واضحة للمواطنين في
المنطقة عن نوع التردد وكمية الإشعاع.. وتحديد مناطق عدم الاقتراب.. "

داخل هيئة الاتصالات
اتجهنا إلى الهيئة القومية للاتصالات وذلك لمواجهة المسؤولين هنالك
بالاتهامات بالتقصير في وضع ضوابط للتقليل من أضرار أبراج الاتصال وكان
لقاؤنا هنالك بالمهندس مصطفى عبد الحفيظ مدير الإدارة الفنية بالهيئة
القومية للاتصالات وسألناه بداية عن مدى معرفتهم بخطر الإشعاعات
الصادرة من الأبراج فقال" الإشعاعات التي تستخدم في الأبراج عبارة
عن إشعاعات كهرومغناطيسية حيث إن هوائيات المحطات الأساسية
للتلفون المحمول ترسل وتستقبل الموجات الراديوية وهي حقول من
الموجات الكهربائية والمغنطيسية وتقع في حيّز نطاق المايكرويف.
المخاوف من إقامة أبراج الاتصالات وسط قطاع كبير من المواطنين ومدى
تسببها لضرر لهم غير ملائمة.. فالمحاذير الصحية المتعلقة باستخدام
الهاتف السيار واحتمال وجود إشعاعات ضارة تصدر من أشعة الإرسال
الموجودة في المحطات الرئيسة لا محل لها من الصحة.. حيث أكدت
كل الدراسات والتقارير العالمية أن الطاقة المنبعثة من هذه الأبراج
منخفضة ولا يؤدي التعرض لها إلى الإصابة بالسرطان.. ولكن يظل
تأثير الموجات الكهرومغناطيسية على الخلايا الحيوية للإنسان قائمة..
ولا تزال الدراسات جارية.. "

هذا ما يعنينا
هل تراعى الهيئة المواصفات التي تقلل من أخطار الإشعاع الصادر منها
قبل التصديق لها؟يقول المهندس مصطفى عبد الحفيظ مدير الإدارة الفنية
بالهيئة القومية للاتصالات "بالنسبة للسكن لا يراعى أن يكون بعيداً ولكن
تكون المراعاة في شكل البرج والمواصفات القياسية التي يجب أن يكون
بها البرج..
وبالنسبة للمستشفيات يراعى أن تكون بعيدة بمسافة بحيث لا تؤثر على
الأجهزة الحساسة داخل المستشفى.. وتحوطاً يجب أن تكون هذه الأبراج
بعيدة عن المدارس ومن خلال اللجنة الخاصة بهذا الشأن ستقوم الهيئة
بمراجعة كل الأبراج المنشئة وتصحيحها إن لزم الأمر.. فالهيئة حريصة
على مواصفات البرج من ناحية الإنشاء والموقع الملائم..
وهنالك ضوابط وموجهات تراعى عند التصديق تتمثل في الحصول على
إذن مكتوب من لجنة أبراج الاتصالات متمثلة في وزارة التخطيط العمراني
حيث إن هذه اللجنة تضم كلا من الهيئة القومية للاتصالات ووزارة التخطيط
العمراني والأراضي والمساحة والحكم المحلي وتقوم كل هذه الجهات
بمطابقة الاشتراطات والمواصفات المتفق عليها من قبل اللجنة
بواسطة أعضائها.. "

الالتزام بالمواصفات
هل هنالك جهة بعينها تراقب وتصدق إقامة مثل هذه الأبراج ؟
يواصل المهندس مصطفى عبد الحفيظ مدير الإدارة الفنية بالهيئة القومية
للاتصالات حديثه بقوله "الهيئة القومية للاتصالات هي الجهة التي تراقب
معايير السلامة والأمن عند إقامة البرج.. ويتم الترخيص له إن تم الالتزام
بالمعايير والمواصفات الفنية والتشغيلية بمكونات الأجهزة والمواصفات
والاشتراطات البيئة بحيث لا يكون هنالك أي ضرر من البث الكهرومغناطيسي..
وأيضاً يراعى الالتزام بالموصفات الفنية للأجهزة المحمولة حيث إن من
أهم الإجراءات التنظيمية التي تقوم بها الهيئة هي مواصفات ومكونات
الشبكات اللاسلكية (الأجهزة – الهوائيات إلخ) ومطابقتها لموصفات
قطاع التفييس ومواصفات الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU-T) "
سألنا المهندس إن قامت اللجنة بإزالة أي برج غير مطابق للمواصفات ؟
قال "لا لم نقم بإزالة أي برج لعدم مطابقته للمواصفات."

مواصفات الأبراج
ما هي المواصفات الإنشائية للأبراج؟
يقول المهندس مصطفى عبد الحفيظ "ليس هنالك ارتفاع معين للبرج حيث
إن ارتفاع الهوائي يحدده تخطيط الشبكة الراديوي وعدد المشتركين في
المساحة المبنية.. فكلما زاد عدد المشتركين تزداد عدد الخلايا ولكن
بارتفعات قليلة وقدرة أقل.. أما الحد الأقصى لكثافة الطاقة المتاحة
للإشعاعات حسب المواصفات العالمية الخاصة بكثافة القدرة الكهرو
مغنطيسية المنبعثة من الهوائيات طبقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO)
ومعهد المعايير القومي الأمريكي (ANSI) واللجنة الدولية للتقنيات
الكهربية (IEC)واللجنة الدولية للإشعاع غير المتأين (ICNIRP)والجمعية
الدولية لمهندسي الكهرباء والالكترونيات(IEEE) فإن الحد الأقصى لكثافة
القدرة الكهرومغناطيسية 4,ملم واط – سم مربع في جميع التقنيات
المستخدمة في تقنيات الهاتف المحمول (GSM-CDMA) "

درجة التلوث
وعن درجة التلوث والجرعة المسموح للتعرض لها يقول المهندس مصطفى
"درجة التلوث أو الجرعة المسموح بالتعرض لها من الترددات يجب أن لا
تتجاوز 2 واط في كل كيلوجرام.. وتم تحديد هذه القيمة بناء على التوصية
التي رفعتها المنظمة الدولية الخاصة بمنع تأيين الإشعاع (ICNIRP) وقوة
الإشعاع الصادرة من محطة استقبال والبث وفقاً لمعايير الاتحاد الدولي
للاتصالات اللاسلكية وتكون قوة الإشعاع الصادر من المحطة القاعدية
في العادة هي 100 واط في حدها الأعلى.. في السودان تتراوح ما
بين 25-100 واط في حين تكون أعلى قوة إشعاع ممكنة لجهاز الموبايل
6, واط

بشوفتك نسعى الى التقدم

وتسلم القادم احسن

يا كل الذوق

لايحرمنا طلتك
:)

يسلم حضورك