عندما غاب الأزهر عن الساحة انتشر الفكر السلفيالدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الجديد في حوار خاص لـ أوان
القاهرة - إميل أمين
د. أحمد الطيبلم يكن تعيين الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر شيخا للأزهر مفاجأة للكثيرين في مصر. فقد كان اسم الرجل
مطروحاً وبقوة، ولاسيما أن في رصيده من الحسنات العلمية والأخلاقية، إذا جاز التعبير، ما يدعم ترشيحه، وهو العالم
الصوفي ابن صعيد مصر الذي عرف بالنزاهة والصدقية والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وهو إلى ذلك، أزهري أباً عن جد ابن المؤسسة الأزهرية الذي قدر له أن يمثل وصلاً لما انقطع مع الغرب، فنال درجة
الدكتوراه من إحدى أعرق الجامعات الفرنسية، «جامعة السوربون »، باحثاً في الفلسفة الإسلامية.
على أن التوقيت الذي جاء فيه اختيار الرئيس مبارك للدكتور الطيب شيخا للأزهر الشريف، يعد بلا شك محفوفاً
بالكثير من الألغام المصرية والعربية والعالمية.
فكيف سيقدر للدكتور الطيب أن يقود مؤسسة الأزهر العريقة عبر هذه المنعرجات، وفي مسارات
وحقول شائكة عصية؟ المهمة صعبة لكن الهول يبقى دوماً من مطايا الكبار. في الحوار التالي نحاول
استشراف الأيام القادمة للرجل وللمؤسسة:
• ما رؤيتكم للأيام القادمة في الأزهر الشريف، وماذا عن أولوياتكم، وهل لكم أجندة مغايرة لمثيلتها في أيام الشيخ طنطاوي رحمه الله؟
- بالطبع في مقدمة الأهداف التي أسعى إليها الحفاظ على كل ما حققه شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي من مكاسب لهذه المؤسسة الإسلامية العريقة، وهي منجزات تعد لي بمثابة مقدسات لا يجوز المساس بها، والملفات لها أولويات عندي. فعلى سبيل المثال هناك ملف التعليم الأزهري وتطويره بما يلائم روح العصر مع الاحتفاظ بالثوابت، وهناك ملف الوحدة الوطنية، وكيف يتوجب علينا العمل على تقويته والعناية به، وهذا نهج ثابت من ثوابت الأزهر طوال تاريخه العريق.
• كيف للأزهر إذن أن يعود من جديد منارة في قلب العالم الإسلامي، ولاسيما أن تحليلات كثيرة ترى أن هذا الدور قد بهت بشكل واضح مؤخراً؟
- تاريخياً كان الأزهر منارة علمية إسلامية تشع في العالم كله، ولهذا فإن من أهم أهدافي العمل على رجوع الأزهر من جديد قلعة للثقافة الإسلامية والمرجعية العليا للعقل الإسلامي أينما كان. وتاريخ الأزهر الشريف تاريخ محايد، فقد درج على أن يعلم ويدرس كل المذاهب الإسلامية الكبرى دون تحيز أو تعصب، وهنا يمكنني القول، إن الأزهر لا يتخندق ولا يعمل بمبدأ، إما أن تكون معي أو ضدي. ومن هذا المنطلق قدر له أن يكون عامل أمان وصمام ضمان، فيحفظ وحدة المسلمين، وإلى الساعة فإن المذهب الشيعي يدرس في كلية أصول الدين في بلد سني المذهب، وكلي أمل أن تشهد الفترات المقبلة تحركات جديدة وجدية على الأرض للم شمل المسلمين.
• الكثير من الأصوات تتهم الأزهر اليوم بأنه أضحى مؤسسة تابعة للدولة، وشيخ الأزهر بات بمثابة موظف لديها. كيف تقيمون هذه النظرة؟
- هذا كلام تنقصه الموضوعية، ذلك أن العلاقة بين الأزهر والدولة ليست وليدة اليوم أو الليلة، هي علاقة طويلة وممتدة في تاريخ مصر، وأنا أقول هذا الكلام كواحد من قلب المؤسسة الأزهرية، ولست غريباً عنها. وأنا لا أعلم سبب هذا الهاجس الذي يطارد البعض، فالدولة لم تتدخل يوما في شؤون الأزهر عبر تاريخه، ولا مصلحة لها في أن يظهر كمؤسسة رمادية اللون، بل المصلحة كلها في أن يبدو الأزهر حراً منزهاً عن التدخل شامخاً، وهذا أيضاً لا يعني بالضرورة أن يكون الأزهر ضد الدولة أو الدولة ضد الأزهر. وأرجع السبب وراء هذا الالتباس في المفاهيم إلى عدم الدقة في البحث والتحليل والانصياع وراء الأصوات الهوجاء.
• من القضايا التي أثيرت عقب تولي فضيلتكم منصب شيخ الأزهر عضويتكم في لجنة أمانة السياسات بالحزب الوطني، وكيف يمكن أن تؤثر سلبا على مصداقيتكم في الموقع الجديد. هل تنوون الاستمرار في هذا المنصب، أم إن هناك حديثاً آخر في هذا الشان؟
- أنا عضو في المكتب السياسي للحزب الوطني الديمقراطي بقرار من الرئيس مبارك رئيس الحزب، وقد كانت ظروف سفر سيادته للعلاج حائلاً دون التوقف عند هذه المسألة، وطرحها على سيادته، وأنا أفضل منذ البداية أن أتفرغ للأزهر بشكل كامل وأضع استقالتي من الحزب رهن تصرف السيد الرئيس. لكن على الجانب الآخر ينبغي أن نفكر بهدوء، فالمستفيد من انتمائي للحزب الوطني هو الأزهر، فأنا في حاجة الى تطوير الأزهر ورفعة شأنه في الداخل والخارج، وإلى جهة قوية تسنده، فإذا كان هناك حزب قوي، وشيخ الأزهر يكون عضوا في هذا الحزب، فبالضرورة سيدعم الأزهر، والمشيخة محتاجة إلى دعم، وما الإشكال في أن يكون شيخ الأزهر عضوا في ناد، أو عضواً في حزب؟ وباختصار عمل الأزهر بطبيعته غير حزبي، وعمل بعيد عن الحزب، وما أظن أن الحزب الوطني من البساطة في التفكير، بحيث يطلب من شيخ الأزهر طلباً تعرفه الصحافة، ثم يسجل عليه كنقطة ضعف.
• بعد وفاة الشيخ الطنطاوي ثار جدل حول منصب الإمام الأكبر، وهل يأتي بالتعيين أم بالانتخاب. إلى أي جهة كنت تميل فضيلتكم؟
- علامة الاستفهام الحقيقية هنا تدور حول توافر الناخب النزيه أولاً، ثم عملية الانتخاب الشفافة. وأقول لك إن هناك تجربة عشناها في الجامعات والمعاهد الخارجية، حيث تجيء المناصب بالانتخاب، ولم تكن ناجحة، والسبب هو عدم نزاهة الناخبين، وحدوث عمليات ضغوط وشراء أصوات وتربيطات وصداقات كلها تفسد عملية الانتخاب. وإذا وفرت لي جواً كافياً من النزاهة، لا أراه متوافراً الآن، أذهب مع فكرة انتخاب شيخ الأزهر، لكن في ظل الأجواء الحالية، أقول إن شيخ الأزهر لا يصلح أن يأتي بالانتخاب.
• منذ فترة طويلة وهناك تعبير أقرب إلى الكليشيهات اسمه «تجديد الخطاب الديني»، ماذا يعني لفضيلتكم هذا المصطلح، ثم كيف الوصول إلى هذا الهدف؟
- قضية تجديد الخطاب الديني، نعم من القضايا المهمة المطروحة على ساحة الحديث منذ فترة طويلة، وأنا أعتقد أن الخطاب الديني في حاجة إلى تجلية للكثير من المفاهيم الإسلامية. لكن يضحى هناك نوع من الإجحاف، إذا قلنا إن هذاالتجديد يمكن له، أو ينبغي أن يمضي في طريقه بمفرده، بعيداً عن تجديد الخطاب السياسي والإعلامي والفني والثقافي، هذه كلها منظومة واحدة لا يمكن أن تقوم لأحدها قيامة دون الآخر، وأشير هنا إلى أن الإعلام على نحو خاص يحتاج إلى وقفة، ولاسيما أن الخطاب الإعلامي اليوم بات بالفعل قاسماً مشتركاً أعظم في تشكيل عقلية الأسرة، ومن ثم المجتمع، ولذلك فنحن في حاجة إلى إعلام مخلص بكل وسائله مرئيا أو مسموعا أو مقروءا، وعليه أقول إنه لا بد أن يلتقي العلماء والمفكرون والإعلاميون وأهل الفن معاً، ويطرحوا هذا السؤال: ماذا نريد لهذا المجتمع أو ماذا نريد لشبابنا، وذلك من خلال خطة خمسية، أو عشرية ثم ندفع بها للتطبيق ويلتزم بها المجتمع.
• هل من شروط دينية إسلامية خاصة في مسألة التجديد الديني؟
- المطلوب أولاً: العودة إلى تراثنا الإسلامي، واستخراج ما يحويه من كنوز.
ثانياً: إعادة النظر في أساليب وآليات تبليغ الدعوة الإسلامية.
ثالثا: تفعيل الحوار بين أطراف المعادلة الإسلامية، ذلك لأنه وللأسف، نحن نفتقر إلى الحوار في الشرق كله، ومصادرة الرأي تبدأ بعد الجملة الأولى.
• كيف للأزهر التعاطي مع دعاة الصدام في الغرب، وأولئك الذين يذهبون وراء هنتنغتون وأشياعه، وبخاصة في الولايات المتحدة الأميركية؟
- بداية أشير إلى أهمية ألا نقع في فخ التعميم الكاسح، لأن مثل تلك النظريات تستغل لتفويت أو تمرير مطالب سياسية واقتصادية وعسكرية. ومن المعروف أن الأخلاق في الحضارة الغربية متحركة، على عكس الحضارة الإسلامية التي تتسم الأخلاق فيها بعنصر الثبات، فالحلال حلال والحرام حرام حتى يوم القيامة. كما أن الغاية فيها لا تبرر الوسيلة، وهي قيمة بارزة في الحضارة الغربية. فإذا كانت الغاية محرمة في الإسلام، فالوسيلة محرمة أيضاً حتى ولو كانت وسيلة مقبولة. وبالتالي فإن النظريات التي انبثق عنها الفكر الغربي في السنوات القليلة الماضية كنظرية صراع الحضارات لهنتنغتون، ونهاية التاريخ لفوكاياما، ثبت بعد دراستها أنها تستخدم لتسويق وترويج سياسات بعينها، فهي تخدم الاستعمار الأميركي، بالضبط مثلما كان المستشرقون يوظفون للتبشير بالاستعمار الأوروبي في القرنين الماضيين.
• يلحظ القاصي والداني أن هناك مداً فكرياً يراه البعض سلفياً متطرفاً، ويذهب آخرون إلى أنه راديكالي. ماذا وراء هذا المد؟ وهل الصوفية التي أنتم من أشياعها علاج لدرء هذا الخطر؟
- عندما غاب الأزهر عن الساحة انتشر الفكر الإسلامي السلفي، ولهذا فإن في قمة ما نصبو إليه، هو عودة الأزهر إلى الساحات الجماهيرية برؤاه المعتدلة وأفكاره الوسط السمحة، ومن خلال عقائده التي تسلمناها من شيوخنا. وأتوقع بعد ذلك أن هذا الفكر الذي يخالف الأزهر سوف ينحسر تلقائياً، فالفكر السلفي المتشدد يتلاشى إذا تصدى له الأزهر، أما الفكر السلفي المعتدل فنرحب به، وليست هناك مشاكل معه على الإطلاق. لكن فيما يخص الفكر الصوفي فأؤيد بلا جدال نشره خاصة الفكر الصوفي المعتدل تماماً، وهو أحد مفاتيح التعاطي مع حالات الإغراق في المادية التي نعيشها في عالمنا المعاصر. والفكر المعتدل هو المرتبط بالقرآن والسنة، أما الفكر الصوفي الشاذ فأحاربه، ولا أرضى به، فأي شيء يخرج على الشريعة مرفوض تماما.
• قضية الحوار مع الآخر من القضايا المهمة للأزهر، وتنقسم الآراء بين مؤيد ومعارض، كيف تقيمون هذه الإشكالية؟
- للأزهر باع طويل في مجال الحوار مع الأديان، وبه لجنة خاصة في هذا الإطار، ولدينا اجتماعات سنوية مع الفاتيكان، ومع الكنيسة الأنغليكانية في إنجلترا، ولن نتواني أو نقصر في الحوار مع الآخر على أساس التعارف، وإن كنت أشدد دوما على أن ينأى مثل هذا الحوار عن العقائد، ذلك لأن الحوار أو الجدل من حولها شأن عقيم.
• إلى أين تمضي علاقة أقباط مصر بمسلميها، ولاسيما بعد حادث نجع حمادي الأخير؟
- في تقديري أنه لو تركت هذه العلاقة تسير على طبيعتها الدينية والتاريخية، لما حدث شيء من الحوادث المعكرة للصفو العام، وفي «هذا الإيجاز إشارات عديدة لا تخفى على أحد».
• ماذا تعني فضيلتك بمزيد من التوضيح؟
- أعنى أنه لو انتفى التدخل الخارجي واستغلاله للبسطاء والسذج من مسلمي مصر ومسيحييها.. لما شاهدنا مثل تلك الأحداث التي جرت مؤخراً والتاريخ خير شاهد.
• في تصريحات سابقة قلتم إن هنالك أيادي خفية تحرك الأحداث وتعمق الوقيعة بين مسلمي مصر ومسيحييها.. هل لاتزالون تؤمنون بهذا الفكر؟
- أنا لا أؤمن فقط، بل أرى هذه اليد بعيني عقلي، ولا يمكن أبداً أن تعثر على مبرر واحد للأحداث التي نحن بصددها إلا ويكون في إطار هذه المؤامرة.
• هل تشير لجهة ما في الغرب؟
- لا أنا أشير للغرب بشكل عام وبمفهومه الواسع، هذه اليد تعمل بمثابة الممهد للاستعمار والسيطرة من جديد، وإن بشكل مختلف، هناك استعمار حداثي، إن جاز القول، والمثير أنه مثل الاستعمار القديم يستخدم نفس السياسة، فرق تسد.
• ماذا عن موقف الإسلام من أصحاب الأديان عامة، والمسيحيين على نحو خاص؟
- الإسلام الحقيقي هو الضمان الحقيقي للتقدم في الحياة الاجتماعية الصحيحة، ولقبول الآخر. الإسلام الصحيح لا العادات والتقاليد التي تأسلمت وأصبحت تحكم المسلمين، مثل اللحية والعباءة. أنا أرجع دائما للقرآن والسنة وموقف النبي من كل الأديان وخاصة المسيحية، وهذا واضح تمام الوضوح في الآية القرآنية «ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى».
• ما الفارق بين المقاومة المشروعة والإرهاب، ولماذا جرى الخلط بينهما مؤخراً؟
- لا يمكن أن ترى عورة الحضارة الغربية، إلا إذا كنت شرقياً مسلماً أو مسيحياً، الإرهاب مصطلح لا مفهوم له، وبحساب المنطق الأرسطي يصنف ضمن العناوين الخاطئة، لأنه لا مفهوم له، ولا تحديد لملامحه، بل هو عبارة عن عباءة يلبسونها للمقاومة، فتصير إرهاباً يلبسونها للمقتول المعتدى عليه فيصير إرهابياً، يلبسونها للمجرم فيصير بريئاً.
• كيف ترون احتدام الجدل حول النقاب في أوروبا بشكل عام؟
- أرى أن النقاب موضوع مفتعل يدخل ضمن دائرة الفتن، المسلمات كن موجودات في العالم كله، اليوم فقط اكتشف الأوروبيون أن النقاب يمثل إشكالية في الغرب.
ولكون فرنسا تقول أن أحرم هذا أو ذاك فهذا يصطدم صراحة مع المبدأ المعلن هناك، وهو الحرية الشخصية، لكن في نفس الوقت أقول إنه إذا اعتبر الفرنسيون أن النقاب يصدم حضارتهم أو أنه مظهر مناف لحضارتهم التي يخافون عليها، فهذا من حقهم؛ وأنا لا أصادر على الناس. وفي تقديري أن النقاب ليس فريضة ولا واجباً ولا سنة وإنما هو أمر مباح.
• الرئيس أوباما وبعد عام في السلطة، هل قرب المسافة بين المسلمين والأميركيين على نحو خاص؟
- حتى الآن لا نرى طحنا، ربما الرجل لديه نية طيبة، لكن السياقات لا تجرى كما يريد، هو بالفعل جاء مخلصاً كما لمسنا كلامه، رجل يريد أن يجيء السلام للعالم، لكن الأمر ليس باليسير.
• هناك مخاطر من قيام أميركا أو إسرائيل بضربة عسكرية لإيران، هل سيعدها العالم الإسلامي حرباً صليبية جديدة؟
- بلا شك هذا سيكون كذلك. وأول من ستحترق أصابعه في هذه الحروب هي إسرائيل، لكن أحب أن أقول إن المسيحية في الغرب «تروّمت ولم يتنصّر الروم»، كما يقال بمعنى أن المسحة الإمبراطورية وتالياً الإمبريالية هي التي باتت تصطبغ بها، وهذا أمر مناف ومجاف للمسيحية المشرقية الحقيقية التي نعتز بها. نحن لم نكن أعداء للغرب، هم خلقوا منا أعداء وتعرضنا لمختلف الإهانات، ومع ذلك لم نقل المسيحية أو الصليب فعل كذا، لكنا كنا نقول الفرنجة، حتى احتراماً للصليب «الحروب الصليبية» كلمة صكت في الغرب، لأننا كنا ولانزال نفرق بين المسيحية وبين من يتاجر بالمسيحية في أسواق المكاسب والخسائر السياسية والاقتصادية.
• ما الذي تود توريثه للعالم من بعدك؟
- صدق الأديان ونقاءها.
تاريخ النشر : 2010-04-01
الإسلام والمسيحية والأصوليون
البابا شنودة يهنئ شيخ الأزهر الجديد أحمد الطيب في مكتبه بالقاهرةفي رده على سؤال عما إذا كان الإسلام مختطفاً من قبل الأصوليين، رد الشيخ بالقول: لدينا ضغوطات، وأوضاع مؤلمة كان لابد لها أن تنفجر، لكن هذا لا يعني أن الإسلام بات مختصراً أو مختزلا في التيارات السلفية أو الأصولية. هذا ما يراد له أن يكون من قبل تيارات غربية بعينها تحاول أن تصور الإسلام على أنه دين بربري، والمسلمين على أنهم همج وبرابرة. وفي هذا السياق أقول إن تاريخ الشعوب المسيحية فيها من الصراعات الكثير داخليا، ومع ذلك لم نتهمهم أو نختزل المسيحية ورسالة السيد المسيح عليه السلام في نطاق إيديولوجي معين. ومن هنا أقول إن علاقتنا بالمسيحية لا تسمح لنا باتهامها، لكن من سوء حظنا أن الآخرين لا تحكم نظرتهم للإسلام هذه النظرة المقدسة التي توجد عندنا.
وعليه أقول إذا كنت ستختزل الإسلام في الراديكالية، إذن عليك أن تختصر المسيحية أيضا في مثل هذه الحركات، وتختصر كذلك اليهودية فيما هو جار منها، وما سيجري طالما بقي الاحتلال.
الانقسام بين السنة والشيعة؟ يقول الشيخ الطيب: أبحث عن الماورائيات السياسية، تجدها دائماً هي التي تذكي نار الفرقة، بل والفتنة بين السنة والشيعة في العالم الإسلامي، سواء كان الخلاف سياسيا محليا أو إقليميا أو دوليا. ودعني أذكّر العالم الإسلامي أن الشيعة والسنة هما جناحا الأمة الإسلامية، وبديهي أن الفرقة بينهما لا تصب إلا في صالح أعداء الأمة والمتربصين بالإسلام والمسلمين، وأعتقد أن التاريخ خير شاهد على ما أقول، فعبر أربعة عشر قرناً هي عمر الإسلام، لم يحدث أن اقتتل السنة والشيعة، لكن المشاهد المؤلمة والتي نرى مثالاً لها في العراق اليوم، تجذر التأكيد على أن المؤامرة مستمرة في التاريخ، للنيل من المسلمين عبر سلاح التفتيت المذهبي.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]