❁בִʟ̤ɾʅɹ̣gɹ̇❁ المدير العام
البيانات : تقيم العضو : 300 العمر : 37
| موضوع: منافسة في الجبل الجمعة 25 ديسمبر - 17:41 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]المعلق:
هذه قصة واقعية عن حيوانينِ كاسرين:
أحدهما: العقاب الأسود بجناحين أكبر من طول الإنسان، يجوب المنحدر الصخري ويصطاد برشاقة، سبحان الله الخالق، إن هذا العقاب يطير بمهارة فائقة في الفضاء الواسع.
والآخر: قط يدعي وشق الكركل، بعض فرائسه هي فرائس العقاب الأسود، وأحياناً تكون فريسته عقاباً.
إنه شهر تموز يوليو في جنوب إفريقيا، الشتاء بثلج صباحي على قمم الجبال، الثلج يسقط ليلاً ويذوب أثناء النهار.
يغذي -بفضل الله تعالى- الجداول والأنهار التي تجري عبر الجبال كشرايين داعمة للحياة، بعض منها بهيج ورائع، أنثى عقاب أسود ذات جفن أصفر بارز اسمها "إيمو ياني" مثل "زولو" في برنامج من الريح.
زوجها "كواتل" مثل معظم الطيور الجارحة أصغر قليلاً من الأنثى، ولكن مدى جناحيه متران ونصف المتر تقريبًا، ما شاء الله، يتمتع هذان الزوجان الرشيقان بوادٍ صخري شاسع.
في الشتاء ينبت الصبر الملون الذي تتغذى عليها الطيور، طيور الكيب ويفرز وطيور الطمير ذات الصدر الأبيض.
الحشرات تنمو بكثرة هنا عند سلسلة طعام غنية، والعقابان على القمة في مكان مرتفع من الوادي، وعلى سفح منحدر صخري هناك فرخ عمره ثلاثة أسابيع في عشه، يدأب العقابان على تجديده بأغصان خضراء.
"كواتل" و "ايمو ياني" يقومان بعملية تربية الفرخ، سبحان الله فإن أزواج العقبان السود تتزاوج دائماً طيلة حياتها إلا إذا حدث مكروه، وتزرف -بفضل الله تعالى- بعقاب جديد كل شتاء.
مهمة "ايمو ياني" الرئيسية أن تمكث مع الفرخ وتظلله من الشمس، التي يمكن أن تكون حارة جداً في الشتاء.
هي حارة بما فيه الكفاية للعضاءات لكي تخرج وتتشمس، ولطيور التمير والحمام الهزاز ليبرد في الماء.
في أشهر الشتاء الباردة هذه تقوم العقبان السود ببناء أعشاشها، ليس عشاً وحسب وإنما أعشاشاً، لدى "ايمو ياني" و "كواتل" عش إضافي حوالي عشرين متراً نزولاً، ومع أن العقبان السود تنتج فرخًا واحداً كل عام وتحتاج فقط إلى عش واحد، ربما يكون لديها ثلاثة أعشاش منتشرة في مواقع عبر عدة كيلو مترات من السلسلة، وهي تبذل طاقة لصيانتها مماثلة لتلك التي تبذلها في صيانة العش الذي يوجد فيه الفرخ.
بعض الأغصان التي تلتقطها من جانب الجبل أثقل من العقاب ذاتها، وعلى الرغم من ذلك يبدو أنها تستمع بذلك، كما لو أن الجهد كله كان مسوغًا لاستعراض طيران رائع.
وتراقب الطيور "روك هينركس" و "دايزيس" المحلية عن كثب، وهذه في النهاية هي طرائد العقبان السود الرئيسية، مهملاً بشكل مؤقت يقوم الفرخ بالتقاط بقايا فريسة.
أما استعراض "كواتل" فلا يمر من دون انتباه، يشكل الوادي الجبلي قلب منطقة الكركل البالغ 16 كيلو متراً مربعاً، كارهًا حرارة النهار سوف يرتاح الكركل في الظلال الباردة، العش بعيد عن المتناول والخطر المتوقع الذي يمكن أن يتعرض له فرخ، هو التعرض الزائد للشمس.
سبحان الله، تعرف الأم بالضبط كم من الوقت تكون سلامة ترك الفرخ من دون ظله، وكم من الوقت ممكن أن تكرس لبناء العش.
ليس من الواضح تمامًا لماذا تبني العقبان السود أعشاشاً إضافية؟ ربما تكون مراكز خطر تعزز دعوى هذه الطيور في ملكية المنطقة، أو ربما تكون أعشاشاً احتياطية للطوارئ.
يكاد يكون العش الثاني تسلية لهما، يبدو أن "كواتل" لا يتعب من إحضار الغصون و "ايمو ياني" شديدة الاهتمام بترتيبها.
إنها ليست جهد فصل واحد فقط، هذه الأعشاش تدوم وتُبنى ويعاد بناؤها لسنوات وأحياناً لأجيال.
على الفرخ أن ينتظر دوره في التغذية، ويبدو "كواتل" ليس منهمكاً ببناء العش الثالث لكي ينسى الصيف، يطير خارجاً بعد الظهر.
ولكن الحياة ليست سهلة بين هذه الصخور الجبلية، على "كواتل" أيضًا أن يكون متيقظاً، لأن الكركل انتهازي وشهرته تلازم كافة النتوءات الصخرية.
وتأتي سفوح الوادي العالية في المساء، والوقت الآن فترة بعض الظهر، والوادي يغرق في الظلال، والآن أخيراً يتلقى الفرخ غذاءه على جانب المنحدر الصخري الذي ما زال مشمساً.
وفي هذا الوقت أيضًا يبدأ الكركل نزوله اليومي إلى الوادي، الجو أبرد هنا، ويجد ذكر بط الزو ذو الذيل الطويل الوقت كل يرتب ريشه.
وتقوم بومة المستنقعات بصيدها الأول، وبعيداً يبدأ الكركل الصيد فوق الأرض العشبية، الكركل هو نوع مميز من القطط، إنه ليس ضخماً، إنه من سلالة الفهد، أما من حيث رشاقته وحدة حواسه؛ فإنه من أكفأ القطط في العالم.
ما زال هناك ليل طويل بعد، ويختال الكركل بين الأعشاب بأذنين كالهوائيات، تمكنانه -بفضل الله- من مسح المنطقة، وتلتقط أذناه سرباً من الطيور الغينية، السكون تحت وطأة عيون حادة، وصمت وسيطرة على عضلات لا تحصى.
كمعظم القطط سيلهو الكركل بطريدته المقهورة ويسدد الضربة القاضية، الكركل حيوان متفرد وفي أي منطقة يستطيع بما وهبه الله تعالى من قوة الإمساك بالدازياز والأرانب على جانب الجبل بالسهولة نفسها التي يمسك بها طيور الغرغرة.
إنها الآن نهاية شهر آب (أغسطس) حيث تبدأ السمانة الصخرية بالتغريد الجميل، وقد ساعدت -بفضل الله تعالى- أمطار الربيع على إنبات العشب في الوادي.
ومع العشب تتغير الأمزجة، لقد ولى الشتاء الجاف، والآن وقت التبرعم والإزهار والولادة، وتتحول التجاويف الصخرية إلى برك صافية، وتضع -بفضل الله تعالى- إناث الدايزياز صغاراً بالجملة.
وتجمع الأغصان الخضراء لعشها البديل، شيء لا يمكن أن تفعله إلا إذا كانت قط خططت لتبيض فيه.
هذا كله ليس طبيعياً، ففي هذا الوقت الذي تتوالد فيه معظم الحيوانات، فمن المفروض أن تتوالد العقبان السود في الشتاء، فكما لو أن هاجسها ببناء عشها الثاني قد استولى على غريزتها.
إنه أول الربيع، ربيع غني بشكل مميز، ولكن لم يسبق للعقبان السود أن توالدت بينما لا يزال لديها فرخ في العش الآخر، وليس معروفاً ما مصير ذاك الفرخ إذا كانت "ايمو ياني" و "كواتل" ستبذلان كل جهدهما لفرخ في غير موسمه، إنها مغامرة كبيرة.
فمعظم أعشاش العقبان السود معرضة للخطر على أوجه المنحدر الصخري، ومع ذلك يتابع العقابان "كواتل" و "ايمو ياني" عملهما، هو يبني العش الثاني، وهي تعتني بالفرخ في العش الأول.
ويأتي "كواتل" بالقضبان للعش الأول أيضًا، ويحافظ على صيانة العش، بينما تقوم هي بإزالة بقايا الطعام قبل أن يجد النمل لها طريقًا.
ولكن ماذا سيحدث عندما سيكون فرخ آخر في العش السفلي؟ إذ عادةً ينمو فرخ العقاب الأسود عندما يكون الطقس بارداً، والواقع أن الفرخ الجديد سينمو -بإذن الله- في الوقت الذي ستشتد فيه الحرارة.
إن ريش فرخنا الفتي بدأ بالنمو -بفضل الله تعالى- وسيحتاج إلى اهتمام كبير، وحتى بعد أن يطير سيحتاج إلى من يغذيه ثلاثة أشهر، الوقت الآن أواخر الربيع وتشجع الأشعة الناعمة لشمس الصباح الباكر العقبان على التشمس على الصخور.
لكن العلامة الأكيدة لاقتراب الصيف الوشيك، هي طلائع العواصف، العواصف الرعدية، عندما يدخل فصل العواصف يكون عمر فرخ الصقر المرقط، ثلاثة أشهر، وقد مضى أسبوع تقريبًا على اكتسائه بالريش.
وتهدأ العواصف فجأة تمامًا كما بدأت، وتترك الصخور تقطر من البلل، والأنهار تمتلئ -بفضل الله تعالى- سبحان الخلاق المبدع العظيم.
انظروا، هذه فراشة ملونة تجفف جناحيها، وهذه عضاءة بألوانها المتلألئة ترى وجبة ممكنة.
ويراقب الصقر الفتي والذي هو الآن أكثر وعيًا للحياة وراء عشه، وتستفيد طيور التمير من الأنهار الممتلئة، كل المنطقة ممتلئة إلى حد ما، زهر السوس على جانب الجبل، وأزهار أذن الفيل النادرة تشغل الفراغ بين الصخور.
وما يعرف بطيور الجنة وصلت من الشمال لفصل التوالد، وبنت عشها -بفضل الله- بأمان تحت ظل الشجر.
أما هنا فالظل الوحيد هو الذي توفره "ايمو ياني" لنفسها، وقد وضعت بيضها في عش معرض تمامًا لأشعة شمس صيف جنوب إفريقيا، هناك بيضتان وضعتا قبل نحو 40 يوماً بفارق أربعة أيام بينهما، ويتوقع أن تفقس البيضة الأولى في أي يوم.
يقوم العقاب الفتي بالتدرب على أول رحلة طيران له، حتى الآن أول محاولة لم يسبق تدوينها للعقبان السود، بقيامها بما يعرف بالتفريخ المزدوج تتكلل بالنجاح.
وحتى "ايمو ياني" وهي تتنفس بمشقة، تبدو أنها تعاني من شدة حرارة الشمس، والمشقة على "كواتل" أيضًا، فالعقاب الفتي أشد جوعاً من أي وقت مضى، ووالده فقط حر ليصطاد له.
ويجذب "كواتل" الأرنب إلى بقعة قريبة من العش السفلي، وتترك "ايمو ياني" البيض لبرهة، لأنها هي التي يجب أن توصل الطعام إلى العقاب الفتي.
الأرنب ثقيل، نصف وزن "ايمو ياني"، والعش ما هو إلا رفٌّ على منحدر صخري ولا مجال للخطأ.
ويمسك العقاب الفتي بالأرنب، ويبدو أن "كواتل" يحتفظ بلحظة فراغ نادرة لاستعراضٍ في الهواء.
لا يزال العقاب الفتي غير بارع في إطعام نفسه، مع أنه سيكتمل ريشه قريباً، ولهذا فهو ما زال بحاجة لوالديه عند تركه العش.
بينما يراقب "كواتل" ويتصرف العقاب الفتي بحسب عمره، تأكل "ايمو ياني" بسرعة، فوقتها قصير ويجب أن تعود لتحمي بيضها من الشمس.
وتحمل ظلالُ ما بعد الظهر الراحةَ للوادي، وتستحم الزرازير ذات الأجنحة الحمر في النهر، أما العقاب الفتي الشبعان النشيط فيتخيل عصًا على أنها دازياز أو أرنب صخري.
ويلمح العقاب الفتي الكركل الذي ابتدأ صيده الليلي، ويقضي العقاب الفتي على العصا بخنقها بمخالبه، وينزل الكركل إلى المنطقة العشبية، ويصغي القط، يراقب، ويشد عضلاته، ولكن حتى الكركل يفشل أحياناً.
الليل القادم يساعد الكركل وما زالت أمامه ساعات طويلة لتأمين وجبة. ليست العقبان السوداء هي وحدها الطيور الأنيقة المحلقة في سماء هذه المنحدرات.
الأكثر شيوعاً هي نسور رأس جريفون التي تبدأ نهارها بامتصاص شمس الصباح، تعشش النسور في مستعمرات، وتنمو فراخها في جماعات صاخبة، وحتى عندما تشب تظل معاً وتطير كل يوم لتتشمس.
أما بالنسبة إلى العقابين في الوادي فهناك شيء يحدث لم يسبق أن عُرف مثله من قبل، لقد بدأت بيضة صقر أسود تفقس بينما الآخر الأكبر ذو الثلاثة أشهر يراقب من العش العلو، وأخيراً تنكسر البيضة.
الصوص مبلل وعليه أولاً أن يجف ويزغب قبل أن يتمكن من أكل شيء، ها هي، فقس بيضة عقاب أسود في حرارة الصيف قبل أن يغادر الشقيق الأكبر العش الأعلى قليلاً على نفس المنحدر.
وطبعاً العقاب الفتي في غفلة عما يحدث، تستحوذ طيور السماء على انتباهه، وهي تطير جيئةً وذهابًا إلى أعشاشها.
أما "كواتل" فتثير رؤية الفرخ تغيراً في سلوكه، وفي حركة لا سابق لها يهاجم ابنه، فتوقف "ايمو ياني" عداونيته، ولكنه لا يزال مصراً، ليس على "ايمو ياني" أن تحمي فرخها فقط، بل طعامه أيضًا، هناك احتمال أن يأخذه "كواتل".
ويهجم "كواتل" مجدداً، ويُجبر "كواتل" على العودة إلى العش السفلي بسبب وجود الفرخ وحده تحت أشعة الشمس الحارقة.
وبتأكدها أن الفرخ أصبح آمنًا من هجوم آخر، تحمل "ايمو ياني" الفريسة إلى العش السفلي،تاركة الفرخ الذاهل يستعيد هدوءه.
ويتناول الفرخ أول وجبة له، كان للتغير الجذري في موقف الوالد أثر مفيد على الفرخ، فقد أصبح نمو ريشه في أولوياته، وفجأة يقوم بأول طيران وهبوط غير متقنين.
هو الآن فيما يوازي مرحلة المشي الأولى، حيث يتعلم ما يمكن أن يقوم به جناحاه.
يجب أن يدوم هذا بضعة أشهر، بحيث يعتني به والداه، ويغذيانه ويعلمانه كيف يصطاد، وبدلاً من ذلك يتركانه وحده لثلاثة أيام وهو يتعلم ألاعيب الريح.
بينما يتركز اهتمام "ايمو ياني" و "كواتل" على الوافد الجديد في العش السفلي وعلى البيضة الأخرى التي نُقرت الآن وعلى وشك أن تفقس.
وهكذا في اليوم الثالث والبيضة الثانية على وشك أن تفقس، يحلق الفرخ فوق الوادي وحينها ومجدداً يهاجم "كواتل".
هذا أب واجبه أن يعلم فرخه كيف يصطاد وكيف يطير، وبدل ذلك يبدو أن "كواتل" ينوي طرده بعيداً، يبدو أن إمكانية وجود طائر جريح تشد انتباه الكركل الذي يراقب الصراع باهتمام.
بالنسبة إلى الفرخ إنها المعادلة الهوائية لأسبح أو أغرق، ولدى محاولة تفادي "كواتل" يظهر الفتى مهارات في الطيران تفوق عمره، تترك "ايمو ياني" الفرخ والبيضة التي لم تفقس، وهذه المرة بدل أن تدافع عن الفتى تقلد سلوك زوجها.
ويترك الفرخ يتصبب عرقاً تحت الشمس، منذ أشهر قليلة كان هذا الطير فرخا، صاد كل من "كواتل" و "ايمو ياني" له، غذياه، أظلاه، حافظا على عشه أنيقاً وربياه حتى نما ريشه.
إنه صقر شاب جميل، والآن يقومان بهذا، يصعب بالضبط تفسير السبب إلا إذا كان هذا مجرد تدريب على الطيران، أو تعويد له على الاستقلال، عُقاب فتي لم يتعلم الصيد يبدو أقل خطراً على الفرخ من أشعة الشمس الحارة مثلاً.
ويضطر الفتى أن يحط في النهاية، والكركل يراقبه، الشيء الوحيد الذي بقي لهذا الطائر الفتي أن يدركه هو خصوصيات مخاطر هذا العالم.
ولدى انطلاقة الفتى مجدداً يلاحقه "كواتل" بالرغم من أن هناك على الأقل محاولةً غير مألوفة للدفاع.
وأخيراً تعود "ايمو ياني" لتوفر بعض الظل، وأخيراً يستوعب الفتى الأمر، ويترك الوادي، العالم الوحيد الذي يعرفه.
وبعد الطيران مسافة كيلو مترين تقريبًا يحط في مكان غريب، إنه الآن مستقل ومسئول عن نفسه، ولكنه في الغالب لم يأكل إلا إذا أطعمه والداه، سيكون عرضة للضواري إلا إذا قاما بحمايته.
ويحل المساء، ويعرض طير أبو سيف ذيله في الوقت الذي يبدأ الكركل صيده الليلي، ويطلق أبو سيف الإنذار.
ويقوم ما يعرف بدجاج فرعون برد فعل من دون معرفة أين هو؟ وما هو الخطر؟
يمر الليل، ويشرق -بفضل الله تعالى- فجر جديد على الوادي، ويقع حادث سعيد لأسرة العقبان: إنه فرخ جديد آخر لصقر أسود، تشققت البيضة الثانية في الليل والآن تقدم "ايمو ياني" الوجبة الأولى للفرخ الجديد.
ويصادف تفقيس الفرخ الثاني ولادة طيور أخرى في الوادي، حمامة هزازة توزع حليب حصالتها.
الفرخ الجديد يعني مزيداً من العمل لـ "كواتل" ووقتاً أكثر لتفتيش المنحدر الصخري والشقوق عن طعام ليغذي هذه العائلة المتنامية.
وينام الفتى بشكل غير مألوف على الأرض غيرَ مدرك للمخاطر المتربصة به في المنحدر، فمعرفته محدودة، يشاهد "كواتل" شيئاً وينتزعه.
دجاجة غينية، يطير بها ليس إلى العش ولكن كيلو مترين أبعد، إلى العُقاب الفتي، وذلك يفسر ما كانا هو و "ايمو ياني" يحاولان القيام به، أراداه فقط خارج الوادي بعيداً عن الفراخ، سيستمر "كواتل" في إطعامه ويساعد في تنشئته.
وهناك في العش الحالة مزدهرة أيضًا، هل سيتمكن زوجا العقبان من إنتاج ثلاثة أبناء في سنة واحدة، هذا ما سنعرفه لاحقاً، إنه أمر غير محتمل فالعقبان السود تضع بيضتين وتفقس صوصين، وأكبرهما الذي يولد أولاً غالباً ما يقتل أخاه.
وفي العش تبدو "ايمو ياني" هادئة، أثناء ذلك يحاول الفتى أن يمارس القبض ويتوقع الصيد، وتتحمل "ايمو ياني" وطأة الحرارة على العش التي لا تستطيع مغادرته.
في وقت من السنة وبحق يجب ألا تكون محجوزة فيه هناك، وعلى الأقل يتمكن "كواتل" من الحصول على قسط قليل من الراحة بالجدول في الأسفل.
المياه ضحلة بحيث لا يتمكن طائر بمثل هذا الحجم أن يغمس نفسه فيها، ولكنه يستطيع الخوض ثم الجلوس.
تستطيع "ايمو ياني" في هذا العمر فقط أن تنظف العش وتعتني بالفراخ، وتتأكد من أنها تظللها.
ربما يغريها الانضمام إلى زوجها، وهذا مؤكد لو أنها سنة عادية، ولكن الآن تستطيع أن تنتظر حتى يشعر "كواتل" بالانتعاش الكافي كي يأتي ويريحها في العش، إلا أن صيف جنوب إفريقيا غالباً ما يأتي بالراحة على شكل رياح تهب من الأسفل فوق التلال.
إنها رياح يستطيع "كواتل" أن يمتطيها، ويبدو أن العقبان السود تستمتع بالريح ونوع الألعاب البهلوانية التي تتيحها.
أي إنها تستمتع بالريح إلى مرحلة، إلى أن تتصاعد حدتها وتتحول إلى عاصفة هوجاء.
حينها لا يستطيع "كواتل" إلا أن يتوقف، وهذا يعني أن لا صيد في وقت تكون فيه "ايمو ياني" والفراخ والفتى كلهم بحاجة إلى الطعام.
وهكذا لا خيار لديه حتى في هذه الريح وهذا الضباب الكثيف، عليه أن يصطاد.
لكن على الأرض يبدو أن الكركل موفق في صخب العواصف. إنه يجفل أرنبًا صخرياً متوتراً، وبالسرعة نفسها يفقده، وتردد الكلاب صدى العاصفة القادمة ولكن لا مطر فوق أجزاء كبيرة من المرج العشبي.
وكأنما تقذف السماء بعيدان كبريت مشتعلة، لأنه حالاً ستشتعل أجزاء كبيرة من المرج الذهبية.
الصباح، والخراب.
لم يصطد "كواتل" شيئاً البارحة، واليوم لا شيء سوى الجوع، لم تأكل العائلة يومين متتاليين، والحرائق ما زالت مشتعلة.
وفي العش أم جائعة وفرخان جائعان أيضًا، واحد منهما تسوء حاله أكثر من الآخر، ويقترب الحريق، ولكن النار وحتى الشمس أقل تهديداً من الجوع، فلا تستطيع "ايمو ياني" الانتظار.
وتهاجمها الزرازير لدى انطلاقتها، وتدرك لما لم يجلب "كواتل" أي طعام، وفي العش تستمر معاناة الفرخين الصغيرين اللذين يتضوران جوعاً، أما "كواتل" فقد دفعه الصيد إلى منطقة لا يعرفها ويهاجمه صقر يقيم هناك.
وأخيراً امتداد غير مشتعل وأرنب، ولكن المحاولة تفشل، وتبحث "ايموياني" في هذا المرج القاحل، الشمس حارة جداً، الفرخ الأكبر بدأ يترنح، والفرخ الأصغر لا يقوى على التحمل، هذا الفرخ يحتاج إلى غذاء.
"ايمو ياني" محبطة فلا طعام في الأماكن المعتادة، لا حيلة، ولكن هناك مستعمرة النسور ومخزونها من الفراخ.
إلا أن المنافسة التقليدية العنيفة بين العقبان السود ونسور رأس جريفون قد شحذت حواس النسور، هي نادراً ما تؤخذ على حين غرة، على "ايمو ياني" أن تجد طعاماً وتعود فوراً.
ولكن النار قد امتدت مسافات إلى ما بعد وطنها الوادي، وحتى الكركل أُبعد من منطقته، وهو الآن يتجه إلى الوادي حيث يجلس العُقاب الفتي.
ولدى رؤية هذا الدخيل الغريب يضاف الخوف فطريًّا إلى جوعه، مخفقين يبدأ "كواتل" و "ايمو ياني" رحلة العودة الطويلة إلى فراخهما الصغيرة، الفرخ الأكبر يائس ويتفقد الأفق بحثاً عن إشارة لوالديه، أخوه الأصغر قتلته الحرارة.
ومن لطف الله تعالى بالعقاب الفتي أن أبويه شاهدا الكركل لدى طيرانهما فوق الجرف.
وينكشف لهما الموقف الخطير، أما العقاب الفتي فتحذره فطرته التي فطره الله عليها، وتنقض "ايمو ياني" على القط الذي يلوذ بصخرة، ويقدر "كواتل" قوته بعناية، هذه المنافسة موجودة بين هذين المخلوقين منذ خلقهما الله تعالى وأوجدهما معاً في هذه البيئة.
تتمكن "ايمو ياني" و "كواتل" من مطاردته إلى الجانب الآخر من الوادي، لم يكن القط يشكل أي خطر على العقاب الفتي عندما كان محمياً في موطنه الوادي، حيث دائماً سيكون أحد الوالدين ليعتني به، ما على القط إلا أن ينتظر ويراقب.
لأن والديه مضطران للمغادرة في وقت ما؛ ليعودا إلى العش، في الوقت الذي يصل فيه "كواتل" و "ايمو ياني" إلى العش كانت الظلال بعد الظهر قد زحفت إلى أعلى الجرد الصخرية لتوفر الراحة من الشمس.
ويعودان إلى مشهد مروع، الفخر الأصغر فقد نفق، ويرتفع "كواتل" بعنف نحو زوجته.
ولكن "ايمو ياني" هي التي تدير العش وعليها أن تتعامل مع كارثة اليوم، وحينما تبدأ بالتقاط الفرخ الميْت يغادر "كواتل".
وينظر إلى الأسفل، إلى أشد المشاهد غرابة، مشهد غريب ومروع، لم يتوقع أحد أن تأكل الأم ابنها النافق.
هدأت العاصفة والحرائق انطفأت، ومرة أخرى ليل صيفٍ هادئ، ويبدأ الكركل طوافه بحثاً عن فريسة، ويساعده ضوء القمر، على الرغم من أن الكركل يستطيع الحصول على فريسة في أحلك الليالي.
الزقزقة الخافتة تدل على أن العقاب الفتي لم يتحرك من مكانه، ويتبع الكركل أذنيه.
وتندفع غيمات قليلة عبر وجه القمر، وفي الظلام المطبق القريب يقوم الكركل بالصيد.
الصباح، بالعودة إلى وادي الصقور نجد أن الفرخ السليم قد نجا، لكنه بحاجة ماسة للطعام، "ايمو ياني" و "كواتل" يصطادان معاً منذ الفجر الباكر.
وأخيراً يشاهدان شيئاً قد نجا من الحرائق وأتى إلى المنطقة المكشوفة، وفي عرض واقعي بتعاون العقبان السود تقوم "ايمو ياني" بتجفيل طائر السمل ويهجم "كواتل" خلفها.
إنه غير مكترث بشيء ينخفض بتهور وهو قابض على فريسته، إنه أرنب صخري.
كان العمل الجماعي خطة موفقة جداً اليوم، عليهما أن يصطادا كل شيء يصادفانه، ويزداد فرحهما كلما اصطادا سوياً، ولكن مجدداً كلاهما ترك العش معاً لوقت طويل.
ولكنها مغامرة أن تنقذ المغامرة الأصلية الفراخ الصغيرة في الموسم غير المناسب، المغامرة أدت إلى ترك فرخها الحي من دون رعاية تحت الشمس، ربما بالغا في المغامرة.
وعندما يعودان أخيراً إلى الوادي، وإلى المنحدر الصخري حيث بنيا عشيهما، يجدان أن الفرخ الثاني قد نفق.
إنه "كواتل" الذي يصل أولاً إلى العش، والجثة، فيقف على الفشل الذريع لمحاولة التوالد في الصيف، ويبتعد "كواتل" عن الأرنب بالرغم من جوعه، يترك العش والفرخ النافق لـ "ايمو ياني".
أما رد فعل "ايمو ياني" في النهاية فهو عملي أكثر، لديها أرنب طازج، ولديها أيضًا ابن آخر جائع، إنه العقاب الفتي الذي ابتدأت به، والابن الذي عانى كثيراً من تجربة التفريخ المزدوجة.
مهاجَماً من والديه ومنفيا نهائياً إلى وادٍ آخر لا حول له ولا قوة، لا يعرف كيف يطعم نفسه، ولا يعلم متى أو ما إذا ستحضر وجبة أخرى إليه.
وتحط "ايمو ياني" في المكان الذي شاهدت فيه العقاب الفتي آخر مرة، ولكن نداء الفتى المألوف لم يحيها.
لقد توالد العقابان هذا العام مرتين، ولكن لحكمة ما، أراد الله -سبحانه وتعالى- لهما أن يفقدا كل فراخهما.
بإمكانهما أن يرتاحا الآن ويقضيا ما تبقى من الصيف، ويعدا العش للشتاء القادم.
لقد اكتشفنا أن توالد العقبان السود مرتين في السنة يكون أمراً صعباً جداً في الظروف القاسية.
وفي الشتاء التالي عاد الفريق الذي صور هذا الفيلم إلى الجبل، إلى طيور الكيب ويفرز والصبار، وطبعاً إلى العقبان السود، "ايمو ياني" ما زالت هناك، وما زال "كواتل" يقوم بألعابه البهلوانية.
والكركل ما زال هناك أيضًا يرتاح بين العشب راقدًا ومراقبًا، وعندما لحق الفريق بـ "ايمو ياني" إلى العش العلوي الذي تربى فيه العقاب الفتي كانت هناك فراخ.
ثلاثة فراخ، في العام المنصرم كانا أول عُقابين أسودين عرفاً بمحاولتهما التفريخ المزدوج، في هذا العام كانا أول من عرفا بتفقيس ثلاثة فراخ دفعة واحدة، ما شاء الله، لقد أنعم الله تعالى على هاذين العقابين بذرية جديدة.
| |
|
مسحور جده .:|ادآري.:|
البيانات : تقيم العضو : 10.0 العمر : 34
| موضوع: رد: منافسة في الجبل الجمعة 25 ديسمبر - 19:38 | |
| سلمت يداااااااااااااااااااااااك | |
|
❁בִʟ̤ɾʅɹ̣gɹ̇❁ المدير العام
البيانات : تقيم العضو : 300 العمر : 37
| موضوع: رد: منافسة في الجبل الجمعة 25 ديسمبر - 21:08 | |
| | |
|