[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]المعلق :
تعد الثديات من اكثر الحيوانات الافريقية البرية التي تغدق بالعناية على صغارها فسبحان من ألهمها وعلمها.
الحيوانات الصغيرة الضعيفة تفتقر الى الحماية وتحتاج إلى استجابة أمهاتها لكل حاجاتها من تأمين الحليب الى الحماية والتفاني والتضحية من أجلها.
تختبر كل انثى من الحيوانات البرية حدث ولادة صغارها بطريقة مختلفة. فبعضها يختبئ في اوكار او اجحار مخفية، بعيداً عن المشاكل.
وبعضها يختار المساحات الشاسعة حيث ينمو العشب الاخضر وبعضها يختار البحار الدافئة كهذه الحيوانات الكبيرة التي تجتاز المحيط.
بعض صغار الحيوانات يتعلم بسرعة ان يقف على قوائمه في حين يستغرق البعض الآخر وقتاً أطول. لكن بالنسبة الى كل الحيوانات، ما إن تولد حتى تبدأ تحديات الحياة الحقيقية.
ستصبح انثى حيوان الأمبالة هذه اماً عما قريب.
انها واحدة من حيوانات الأمبالة الحُبلى الكثيرة. انها تقف بصبر بينما يروي المطر السهول الافريقية. فالمطر يساعد بإذن الله تعالى على نمو العشب الجديد فيكثر الطعام بفضل الله للأمهات العاشبة وصغارها.
لهذا السبب تلد الحيوانات العاشبة في فصل تساقط الأمطار فسبحان الذي خلق فسوّى والذي قَدَّر فهدى.
يحتوي العشب على كميات قليلة من المواد المغذية فتأكل الأمهات المستقبلية بشكل مستمر تقريباً لتؤمن الحليب بانتظام.
ان صغيرها يتحرك في احشائها ويحاول ان يتأكد بواسطة حافره الصغير الى اي مدى يمكن لاحشاء امه ان تتمدد…
انها تترك القطيع لتلد في مكان منعزل لأن الانعزال يعني الأمان. وهذا امر حيوي نظراً للمخاطر التي تحدق بها في كل مكان.
انها معرضة دائماً لخطر الحيوانات المفترسة. لقد بدأت الآن تشعر بالانقباضات التي تسبق الولادة.
ان الاستلقاء ثم النهوض من جديد يجعلان عملية الولادة اسهل.
انها متيقظة للمخاطر اكثر من اي وقت آخر.
ان شمّ ابن آوى رائحتها او رائحة صغيرها، فقد يواجها المشاكل… فهو قادر على قتل الظبيان… لذلك، انتقلت الى بقعة اكثر اماناً.
ما زالت تمضغ العشب مع ان عملية الولادة قد بدأت!
لقد حملت صغيرها طوال ستة اشهر لكن اقل من ساعة ستمر بين بداية المخاض والولادة.
لا يوجد ما تخشاه فابن آوى بعيد جداً عنها. لكن، حتى في هذه المرحلة المتقدمة من الولادة، نجدها قادرة على وقف الولادة ودفع صغيرها من جديد الى احشائها ان كان الخطر محدقاً فسبحان الخالق العظيم!!
كانت تبلغ من العمر سنتين فقط عندما حبلت للمرة الاولى ويمكنها ان تلد مرة واحدة في السنة إن قدِّر لها ذلك حتى تموت.
واخيراً! اصبح لدى الصغير مساحة ليتنفس وقريباً سيصبح لديه مسافة شاسعة ليجري.
ها هو العضو الجديد في القطيع. انه مترنح بعض الشيء لكنه سرعان ما سيبدأ بالجري بأقصى سرعته.
تأكل الأم الحبل السَرِّي ما يكون سبباً في حمايتها من الحيوانات الضارية ويساعد كذلك على زيادة من تدفق حليبها. انها المرة الوحيدة التي تأكل فيها اللحم لأن الولادة تحدث تغييراً كيميائياً مؤقتاً في دماغها.
لا تتمكن الثديات من السير بشكل صحيح على الفور. لكن هذه الحيوانات قادرة على الجري بسرعة هائلة بعد حوالى خمس عشرة دقيقة فقط فسبحان من وهبها هذه القدرة.
سيتمكن من الوقوف بشكل مستقيم.
او بالاحرى كاد يقف.
بدأ هذا الخِشْف يعتاد على الوقوف.
والآن ها هو ينطلق. هذا اثبات مذهل على سرعة الحركة بعد فترة قصيرة من الولادة. سبحان الله لقد منح هذه المخلوقات تلك القدرة المدهشة على الحركة كي تتمكن من الهروب عندما يهددها خطر ما كالحيوانات الضارية.
لكل خِشْف رائحة فريدة تبقى في ذاكرة الأم بينما تنظف صغيرها، ما يؤدي الى تقوية الصلة التي تربطهما حتى تفطم الأم صغيرها اي بعد اربعة اشهر من ولادته.
لكن الخشف يخطط لامور اخرى: انه يريد ان يختبر سرعة قوائمه الجديدة…
يا لها من مشية! ليست قوائمه قادرة على الجري بعد!
ستبقى الأم قريبة من صغيرها حتى يعتاد على السير، فتبقيه بعيداً عن الانظار خلال الايام الاولى قبل ان ينضم كلاهما الى القطيع.
انه جائع الآن. اين اخفت الأم ضرعها؟
ان الحليب جيد بعد التمارين الرياضية!
عندما لا تكون صغار الظبي مشغولة بالرضاعة أوبالبحث عن الأمان الى جانب أمهاتها، تبقى مع بعضها البعض في ملجأ ما.
لقد اعتاد الآن على الوقوف وحان الوقت لاستكشاف المكان… والتقاء حيوانات جديدة.
تبقى الأم دائماً قريبة من صغيرها لتطمئنه.
فالمسؤولية كلها تقع على عاتقها اذ لا يلعب الأب اي دور منذ ان تزاوجا.
لكن صغار الظبي الاخرى سترافقه دائماً حتى تفرق بينها المنافسة اي بعد بضعة اشهر.
إن الولادة امر اكثر خصوصية بالنسبة الى اللبؤة. لن يتمكن صغيرها من الجري والقفز كصغار الأمبالة قبل فترة معينة، لذلك تكون بحاجة الى حماية مستمرة.
انها حبلى في شهرها الثالث والآن حان وقت الولادة.
انها تنتظر خلال الساعات الاخيرة قبل الولادة داخل وكر حيث يمكن لاشبالها ان تختبئ من الخطر، لا سيما الخطر الناجم عن سائر الاسود.
انها تساعد برفق الشبل الاول على الخروج. يمكن لفكيها ان يخنقا الحمار الوحشي لكن سبحان الله الخالق الرحيم، إنهما يعاملان هذا الشبل الضعيف برفق بالغ!!.
انها تستعمل لسانها لتنظف صغيرها حديث الولادة ما يساعدها على حفظ رائحته الفريدة في ذاكرتها.
بات الآن نظيفاً لكنه جائع إلا أن الحليب لم يبدأ بالتدفق بعد فلا بد من انتظار الشبل الثاني الذي سينضم إليهما!
ان معدل انجاب اللبؤة يبلغ ثلاثة اشبال في الحمل الواحد لكنها احياناً ربما تضع ستة اشبال كحد اقصى.
انها تنظف الشبل الثاني بواسطة لسانها ايضاً. انها لا تؤلمه سبحان الله.
بالتأكيد حان وقت تناول الطعام.
ان اللبؤة الأم تأكل المشيمة، وهي وجبة مغذية تسد بها جوعها حتى يحين وقت وجبتها الحقيقية التالية.
انها تجمع صغارها حديثي الولادة برفق وتستقر لترتاح.
ويتابع الصغار باطلاق صرخات الاحتجاج التي تملأ العرين.
تعشق الضباغ لحم الاشبال… لكن هذه اللبؤة خطيرة جداً.
وهل ظنت ان كل شيء قد انتهى؟
تحتاج اللبؤة الى عينين في مؤخرة رأسها. ولا بد ان يعرف الاشبال الى اي مدى تمتد الحدود الآمنة بالنسبة لها: هذه الحدود لا تتعدى جوار الأم تقريباً.
لقد سمعت شيئاً في الخارج.
انها لبؤة من قطيع آخر… وهي قريبة جداً لدرجة انها تسرق منها الشعور بالراحة.
الا انها لن تقترب اكثر.
لقد واجهت الأم الخطر الاول الذي يحدق بعائلتها الصغيرة.
واللِّبـأ هو وجبة الاشبال الأولى. انه عبارة عن سائل سميك اصفر اللون يحارب الأمراض ويحمي الشبل بفضل الله تعالى حتى تبدأ اجهزة المناعة لديه بالعمل بشكل صحيح.
هنا، لا مكان لحسن التصرف واللياقة. فكل شبل يصارع لإشباع حاجته.
واخيراً، يمكن للبؤة ان تنعم ببعض الراحة والهدوء.
تمضي الفقمة على الاقل نصف حياتها في المياه لكنها تعجز عن الولادة فيها. لهذا السبب تزحف خارجها بحثاً عن موقع تلد فيه. ان انثى الفقمة تفتقر كلياً الى الخصوصية بعكس اللبؤات!
لقد حملت هذه الفقمة الحبلى صغيرها طوال سبعة اشهر. انه صغيرها الاول وهي بحاجة الى حمايته من الاعداء تماماً ككل الأمهات البرية الاخرى.
اربع نقاط داكنة تحدّد حلماتها. وفوقها، سيتحرك حيوان الفقمة الصغير الذي لم يولد بعد.
تبحث حيوانات ابن آوى السوداء الظهر دائماً عن وجبة سهلة.
ان فترة الترقب والانتظار التي دامت سبعة اشهر شارفت على الانتهاء. وها هي تجرب كل الوسائل لتتمكن من رؤية هذا المولود الجديد الذي يخرج من بين قائمتيها الخلفيتين.
في هذا الزحام، يمكن للحيوانات الاخرى ان تصطدم بها او ان تخفي قدوم العدو.
لقد بدأت تشعر بالانقباضات منذ ثلاث ساعات لكنها ستضع صغيرها قريباً.
تبدو مرتبكة لا تدري ما الذي سيحصل لاحقاً. ربما عليها ان تنظفه ثم تدعه يرضع. لكن، بدل ذلك، يبدو انها تقوم بتمارين للرقبة والقوائم…
يشكل جهلها عائقاً كبيراً.
في المقابل، لا تواجه الأمهات اللائي يتمتعن بخبرة اكبر هذا العائق. يبدو ان هذه الولادة الغريبة لن تزعج انثى الفقمة هذه. لقد خرج صغير الفقمة وظهر ذيله أولاً سبحان الله ما أجمل لحظة الولادة ، تلك اللحظة التي يخرج فيها مخلوق جديد إلى الحياة.
عادة لا تلد الفقمة الا صغيراًً واحداً في كل حمل تماماً كهذه الانثى. ذلك لأن جسدها يعجز في الغالب عن تحمل اكثر من ذلك اذ ان انتاج الحليب السميك الذي يحتوي على نسبة دسم تساوي ثلاثة ارباع كمية الحليب يتطلب طاقة هائلة. والجدير ذكره ان الحليب البشري يحتوي على اقل من اربعة في المئة من الدسم.
سينمو صغير الفقمة حديث الولادة بسرعة كبيرة بفضل الله تعالى الذي هيّأ له هذا الحليب الدسم. وكذلك الأمر بالنسبة إلى صغار الفقمات الاخرى الموجودة هنا والتي يبلغ عددها التسعين الفاً. وستُفطم كلها بعد بضعة اشهر. ثم ان هذا النظام الغذائي هو حمية منحفة لا ارادية بالنسبة الى الأمهات.
لكن الأم الجديدة لا تنوي ان تتبع حمية.
لقد انطلقت لتلتقط سمكة لأن الجوع قد انهكها…
يشعر صغيرها بالجوع ايضاً.
لكن لا يمكنها ان تنتظر لتلمس المياه الباردة.
ما ان تسد جوعها حتى تعود مسرعةً الى الشاطئ... يبدو أنها وقعت ضحية احدى الحيوانات العدوة.
أما صغيرها فيواجه مخاطر كثيرة.
لم تتخلّ هذه الفقمة عن صغيرها بل إنها تتمتع بخبرة كبيرة. ستبقى على الشاطئ مدة اسبوع او اكثر لترعاه وتطعمه.
حتى ذلك الحين، ستستلقي وتسبح مع المد لتحافظ على طاقتها في حين ان صغيرها يرضع من حليبها.
ان هذه الأم تضع صغيرها على درب الأمان الصحيح باتجاه الحياة الراشدة فسبحان من علمها وألهمها.
لكن درب هذا الصغير مليئة بالعوائق. فان تُرك وحده، اصبح عرضة لمخاطر كثيرة.
لا وجود للامان او للملجأ دون الأم. فالشمس والرمل يحرقانه ثم انه يجر الحبل السري كحمل ثقيل ومتعب وقد لا ينقطع قبل عدة ساعات عدة.
فقد الصغير أمه لذا يقترب من انثى فقمة اخرى. هل ستشفق عليه؟
لديها صغيرها وما يكفيها من المسؤوليات. لا يمكنها ان تهتم بصغيرين معاً في آن واحد.
وسرعان ما اكتشف حيوان الفقمة الصغير أن هذه الفقمة لن ترعى صغير فقمة غريب عنها.
كانت رسالتها العدائية غاية في الوضوح.
ثم عادت لتتأكد إن صغيرها بخير.
يبدو أن صرخات طلب المساعدة المثيرة للشفقة لا تبلغ الا آذان الحيونات الضارية.
إن كانت امه على مرمى السمع فتستمع صراخه وستتبع رائحته.
لكن امكانية ايجاد طريقه إليها صعبة جداً، وان لم يتمكن من ايجاده، تصبح فرصته في النجاة ضئيلة.
فالحياة بين نصف مليون حيوان فقمة هي مسألة صعبة بالنسبة الى صغير الفقمة.
لكن الحياة مسألة صعبة بالنسبة الى صغار الحيوانات كلها.
حتى بالنسبة الى صغير حيوان وحيد القرن الأبيض. ستلد هذه الأم بعد بضعة ساعات.
بدأ الظلام يحلّ. وهي برفقة انثى اخرى من حيوانات وحيد القرن، ربما تسعى الى تقديم الدعم لها أو انها هنا بدافع الفضول ليس الا.
لقد اصبحت الآن شديدة الانفعال وهي تحاول ابعاد رفيقتها اذ ترغب بالبقاء وحيدة في انتظار اللحظة الحاسمة…
لقد اختارت الشجيرات الشائكة غرفة للولادة.
ان المكان غير مريح لكنه عائق شائك لكل خطر محدق.
معظم صغار وحيد القرن تولد في المساء، ما يؤمِّن سرية كبرى ويشبع الرغبة في الخصوصية.
لقد خرج الصغير بسرعة كبيرة فقد خرج بعد عشر دقائق من ظهور طرفه الاول.
لقد وضعت انثى وحيد القرن هذه صغاراً من قبل بعكس تلك الفقمة عديمة الخبرة. وهي ستهتم جيداً بصغيرها حديث الولادة.
ها هي ترتاح لكن راحتها لم تدم طويلاً اذ بدأ عدو خطير يطوف بالمكان.
ان العضو الجديد المترنح الذي سينضم الى القطيع القديم يزن اربعين كيلوغراماً أي ما يعادل اربع مرات وزن صغير حيوان الأمبالة.
تجمع القطيع الخطير في الظلال المحيطة…
لا يمكن لهذا الصغير ان يجاري سرعة حيوان الأمبالة. ثم انه يستغرق يومين ليقف بشكل مستقيم لذلك تبقى امه بقربه خافضة قرنها الفتاك بشكل مهدد… فانسلت الضباع خلسة في الليل.
لقد حقق الصغير وامه انتصارين في ليلة واحدة: لقد تمكن هو من الوقوف، اما هي فأبعدت عنه العدو!
ومع حلول صباح اليوم التالي، حقق انتصاراً آخر اذ وجد الحليب…
لن تتمكن الأم من وضع صغير آخر قبل سنتين على الاقل، اذاً ما زال الوقت مبكراً ليستقل هذا الصغير…
كما هي الحال بالنسبة الى هذه الاشبال المشاكسة.
ستتمكن صغار الحيوانات الافريقية البرية كلها من تحقيق استقلاليتها ان قدَّر الله تعالى لها النجاة اثناء ساعات الحياة الاولى الخطيرة.
وستحتاج هذه الصغار إلى مساعدة أمهاتها التي تلعب دور مرشدها ومعلمها وتؤمن لها الطعام والراحة… واحياناً تحتاج إلى مساعدة الأب ايضاً!
تواجه صغار حيوانات افريقيا البرية منذ ولادتها حتى تكوين اسرتها الخاصة تحديات جمّة. وبالنسبة اليها، لقد بدأت رحلة الحياة للتو!