لمعلق :
إن الحيوانات من ذوات الحوافر الإفريقية جاءت في كم هائل من الأشكال والأحجام، كلما كانت الطريدة كبيرة وسريعة فهي بحاجة إلى صياد ذي قوة وسرعة، إن الحيوانات الثديية الضارية الإفريقية بحاجة إليها للحفاظ عليها في هذا العالم، ومع ذلك هنالك مساحة للصيد لا يمكن السيطرة عليها إنها المياه الاستوائية العذبة.
مازالت التماسيح توحي بالرعب بسبب قوتها ووحشيتها ودمها البارد ولكن هناك سبب لاحترامها لكونها حيوانات اجتماعية تصطاد في قطعان منظمة وتقطن بقوة في المياه كما الذئاب في اليابسة.
يبدو للوهلة الأولى أن هذه الحيوانات من الزواحف لم يحل محلها من هو أكثر فعالية من الثدييات، ولكن بلا منازع فإن ميزاتها مكنتها من السيطرة على منافسيها.
فعملية الأيض لديها بطيئة، وهذا يعني أن باستطاعتها الغوص لمدة أطول وبحاجة إلى كمية طعام أقل، هذه التماسيح لم تتناول طعامها منذ أربعة أشهر، لا يوجد حيوان ثديي يبقى هذه المدة بلا طعام ويبقى على هذا النشاط.
إن التماسيح كانت موجودة منذ زمن بعيد، هذه التماسيح لا ترقد هنا بالصدفة، فهي تعرف بعضها البعض وتحترم أنفسها عند الأكل، ومعًا تشكل فريقًا قاتلاً،إنها تشبه قطعان الذئاب المفترسة، وقلة فقط من الحيوانات الأخرى تجرؤ على تحديها.
إن حيوانات فرس النهر، هي من الحيوانات الثديية الوحيدة التي تشاركها بانتظام في بيئتها يوجد تنافس بينها ويبتعد كل منها عن الآخر، يلتقيان فقط على ضفاف الأنهر ومع كل الاختلافات بينهما فإن هنالك الكثير من الأمور المشتركة بينهما، فكلاهما ضخم، كلاهما يعيش في مجموعات، وكلاهما يقسم النهر إلى مناطق نفوذ، وتدافع عن هذه المناطق الذكور، تفسح التماسيح عادة لحيوانات فرس النهر حيث إن وزن هذه الحيوانات يتعدى الطن الواحد،وهو متقلب المزاج وأسنانه ضخمة.
تفضل التماسيح الحمام الشمسي على انفراد، لكن عند ولادة عجول فرس النهر تجدها التماسيح فريسة دسمة، وبالرغم من ذلك فإن أنثى فرس النهر تترك القطيع حتى تلد وتتأكد من أن عجلها الصغير يتطبع بطباعها وفي هذا الوقت تكون حريصة على عجولها.
إن شهر أكتوبر شهر التناسل وتقوم ذكور التماسيح بجمع الإناث حولها، تنشب المعارك على الأرض ولكن معظم الأجزاء من الضفة تتحكم بها الذكور الكبيرة على مدار السنة وللصغار المنافسة فرصة ضئيلة لأخذ جزء من هذه الأرض، المستولية على مناطق النفوذ تبرز وضعها بشكل ذكي ولطيف، هناك إشارات كالرائحة مثلاً يفرزها الذكر لإغراء الإناث للقدوم إلى المنطقة، إن رفع الأنف عند التماسيح يعني إشارة القبول وتستخدمها الإناث وتعني أننا هنا.
هذه الحركة هنا تعني سلوكًا عدوانيًا، تدل الأبحاث في جنوب إفريقيا على أن التماسيح تستطيع العيش في أزواج وفي بعض المناطق فإن التماسيح الذكور تجذب أكثر من أنثى، عند انقضاء فصل التناسل يعم الهدوء والسلام مرة أخرى، وعند هطول الأمطار تتكون برك من الأمطار في كل مكان وتأتي بعض الحيوانات للشرب حيث تكون التماسيح بانتظارها.
الجو يتغير بشكل مذهل وسريع وكذلك سلوك التماسيح، يتغير الضغط الجوي فعند انخفاض الضغط يكون إنذار بجو بارد وهو يؤدي إلى توقف عمل الجهاز الهضمي عند التماسيح، وبالتالي إلى التوقف عن الصيد، أما في خط الاستواء فإنها تصطاد على مدار السنة حتى في فترة الصباح الباردة.
بالنسبة إلى التماسيح فإن المطر هو مجرد إزعاج لها إذ يغطس الواحد منها تلو الآخر للسباحة بسلام تحت السطح بعيدًا عن الضجيج.
إن الأمطار تعمل على ارتفاع منسوب مياه النهر، ويتغير شكل المنحدرات العميقة وتصبح الضفاف الرملية مغطاة بلون أسمر كاكي.
الحياة تتغير كليا بالنسبة إلى حيوانات النهر إذ إن معظمها يبدأ بالبحث عن مأوى في مناطق حيث الماء أكثر هدوءًا، أما طائر مالك الحزين فيستطيع أن يتكيف بإذن الله في معيشته هنا، الأماكن الصخرية الضيقة في النهر تتحول إلى منحدرات من الماء الهائج، قلة من الحيوانات تقوم بقطع النهر على الرغم من أنها تجد صعوبة في وضع أقدامها على الصخور العميقة.
يناير حيث توقف المطر منذ أسابيع وانخفض منسوب المياه، في كل ليلية من الآن تبدأ الإناث من التماسيح بجر نفسها إلى الشاطئ إذ أمامها أهم عمل لهذا العام وهو وضع البيض.
تتجمع الإناث هنا كل عام لأن المواقع الجيدة قليلة وبعيدة بالنسبة إليها.
على كل أنثى أن تحفر لنفسها حفرة كبيرة فالساعات القليلة المقبلة ستقرر نجاحها في التناسل لسنة من الآن.
ولعدة ساعات تحفر عميقًا في الرمال، لن تتوقف حتى تصل أقدامها إلى العمق،تضع البيضة تلو الأخرى لمدة عشرين دقيقة تقريباً، الحيوانات الأكبر عمرًا قادرة على وضع مائة بيضة ولكن أنثى صغيرة كهذه قادرة على وضع ثلاثين إلى أربعين بيضة على الأكثر.
عندما تضع آخر بيضة تنهض بعناية باعتمادها على ذيلها حتى لا تسحق البيض، تستعمل أرجلها الخلفية لتغطية البيض بالرمال تضع التماسيح بيضها في الليل، وبعناية تامة تدوس الرمال، ولكي لا يضيع ما فعلته سدى وجب عليها عدم ترك أي أثر خلفها، هذه الأنثى أنهت وضع بيضها قبل ليلة أو ليلتين والآن تكرس نفسها لحماية العش، الخطر لا يأتي فقط من لصوص الأعشاش ولكن أيضاً مما يقوم جيرانها به من حفريات، لا يجوز صراع جدي فالجميع ينتفع من الحراسة وبهذا فإن كل الأمهات يتحدن لإبعاد الخطر، جميع الإناث من التماسيح تنعم بدفء الشمس بعد ليلة باردة، التنعم بدفء الشمس شيء هام بالنسبة إلى التماسيح، وما بين الماء واليابسة تحافظ التماسيح على حرارة ثابتة.
الحرارة أيقظت ورل الفيل وهو حيوان من الزواحف إنه لص في سرقة البيض والإوزة هادئة لأنها لم تضع بيضها بعد ولكن على التماسيح أن تبقى في الحراسة، فإذا ما فتحت أعشاش التماسيح مرة فسرعان ما سيتم إفراغها من قبل طائر اللقلق والطيور الجارحة الأخرى.
لهذا السبب فإن التماسيح ترقد على أعشاشها منذ البداية حتى تفقيس البيض ولثلاثة أشهر طويلة وبلا طعام، وفي غضون ذلك تحوم حيوانات الورل منتظرة الفرص.
للفيلة حفر الطريق إذ هي لا تهاب من الحيوانات الضارية، من وجهة نظر التماسيح فإن الفيلة وحوش ضخمة وما زالت تصر على عدم فتح الطريق، إن فيضانات الفصل الماطر قد جرفت الضفاف في عدة أماكن وظهرت ضفاف رملية جديدة بينما بعض أماكن الراحة قد اختفت، أجزاء من بعض المناطق قد جرفت وحاول أصحاب هذه المناطق التوسع بها.
لا يوجد حيز فارغ فلا أحد من الذكور على استعداد للتنازع على القسم الذي اكتسبه، كل واحد جازف بحياتها ليكسب الحق في مسكنه.
إن حيوانات فرس النهر هنا لا تتعارك في الحقيقة، معظم هجماتها هي للاستعراض فقط، ودون إيذاء الخصم، المشاجرات الحقيقية بين حيوانات فرس النهر حول مناطق النفوذ كانت دائماً تؤدي إلى جراح ولا سيما عند البدء في استعمال أنيابها بشغف وبشكل قاتل، ومن دون منطقة خاصة بها لا يمكن لحيوانات فرس النهر التناسل.
إنسحبت حيوانات فرس النهر مرة أخرى للراحة ولجذب عدة إناث، ويعلن حيوان فرس النهر ملكيته باحتفال مناسب، أما بالنسبة إلى التماسيح فإن السلام عندها تحصيل حاصل.
لا يوجد لحيوانات فرس النهر مشكلة مع أقوى الحيوانات الضارية في النهر، لكن هناك ما يعرضها للأخطار إنه الشريط،هذا الشريط ينصب لصيد الظباء في الأجمة على ضفة النهر إلا أن الشرك قد أمسك أنثى فرس النهر في قدمها، القدم التهبت وتورمت، معاناة الأنثى المصابة تعني وجبة مجانية للطيور النقارة وبشكل خاطئ يتصور البعض هذه الطيور بأنها فاعلة خير لكنها لا يهمها التئام الجرح إذ في نهاية المطاف فإن الجزء المصاب ما هو إلا طعام لها.
إن أنثى فرس النهر تبدو كسولة وفاترة الهمة عندما يبدأ الطائر برشاقة بقطع اللحم لمعظم الحيوانات المجروحة فإن هذه عملية تنظيفية قيمة.
أما بالنسبة إلى فرس النهر فإن الضفاف الرملية للنهر أصبحت الآن شديدة الحرارة، ولكن التماسيح في وضع أفضل فإن جلدها الكثيف والمصفح يحتمل الحرارة، تحاول أنثى فرس النهر المصابة التقليل من عذابها وذلك بالولوج في الماء البارد، إن الأفخاخ ليست مشكلة للتماسيح ولكن هذا لا يعني بأن الأمور على ما يرام بالنسبة إليها، سنة الحياة بأن لجميع الحيوانات الضارية الكبيرة التي تصطاد على ضفاف الأنهار الإفريقية لها مشاكل مع الإنسان.
في بعض الأنهار مثل نهر تانا في شمال كينيا أكثر من خمسين شخصًا يلاقون حتفهم سنويًا من هجمات التماسيح.
قطعانهم هي مورد طعام متنام للتماسيح هذه القطعان تنجذب لهذه المستوطنات إذ إن قتل الحيوانات الأليفة أسهل بكثير للتماسيح من صيد الحيوانات البرية اليقظة، يحاول الرعاة طرد التماسيح قبل أخذ حيواناتهم لكن الرعاة لا يأخذون هذا الأمر بجدية ما يؤدي إلى نتائج مميتة.
أدى الصراع إلى صيد وحشي وبلا رحمة للتماسيح، وكان الطلب دائماً حادًا على جلد التمساح ملايين ماتت ونقص العدد بشكل جذري وفي عام 73 وُضع تمساح النيل على القائمة الحمراء للأصناف الخطرة.
لا توجد بنادق في القارب ولا داعي لهذا التمساح من الخوف على حياته، جاء الصيادون من مزرعة تماسيح وهم بحاجة إلى هذه الحيوانات على قيد الحياة.
بعد ربع ساعة أصبح التمساح منهكًا بشكل تام لم تعد له القوة في عضلاته، إنها تتجاوب مع صدمة عنيفة من العراك الطويل، من الآن وصاعدًا أصبح عمل الصياد سهلاً لكن عليه أخذ الحذر والاحتياطات، شريط من مادة لاصقة كاف لتأمين فكيه الهائلين، إن لدائن الشاش ستحمي عينيه في الرحلة المقبلة لعدة مئات من الكيلو مترات، وأخيرا يلف بالخيش ليسهل حمله، سيعيش جنبا إلى جنب مع أكثر من مائتي تمساح خصصت للإخصاب.
إن صغار التماسيح تعيش حياة موحشة في البرك، كل بركة تحتوي على حوال ثمانمائة من صغار التماسيح، وهي بحاجة إلى نوعية عالية من الطعام، وضعت التماسيح في الإنتاج بالجملة في قطاع المواشي أو الدواب إنه نوع من الاستثمار بعد مرور سنتين فإن معدل نموها أخذ بالتراجع، إن جلد تمساح المزارع أفضل بكثير من جلد تمساح البراري، ومنتهكو صيده يجدون صعوبة في تسويق الصغير ويباع في المطاعم الفخمة، وهذا يعني بشكل عملي أن تماسيح النيل الإفريقية قد تحررت من سرقة الصيد المنظمة، بينما هذه الحيوانات تموت لتصبح حقائب وأحذية فإن على الأبواب جيلاً جديدًا سيطل على هذه الحياة الجمع المرخص للأعشاش البرية وتلك التي تضعها الحيوانات المأثورة تنتج سنويًا ما يعادل خمسمائة بيضة، تحمم الحيوانات الصغيرة بالمطهرات، هذه المواليد الصغيرة تزن فقط واحد على أربعة آلاف من وزن أمها، مقارنة بالسلاحف التي تنمو بطريقة مماثلة فإن التماسيح في البر تحافظ على صغارها بعناية جيدة وليس فقط عندما تكون داخل البيض، وتساعد الأم من التماسيخ صغارها وعندما تشعر أن البيض على وشك التفقيس تسارع إلى حفر العش، التماسيح كالبشر لديها مستقبلات للضغط حساسة في فكيها، عندما يمتلئ حلقها القابل للتمدد تبدأ بالتفقيس في الحفرة، و الأم تسرع ذهابًا وإيابًا حتى لا تتركها بلا رعاية لمدة طويلة وتستمر بنقل الكثير منها من اليابسة ولا تستطيع الانتظار الآن طويلة فلديها صغار في الماء بلا حماية.
بعض الصغار يمكن أن تلحق به إصابة نظرًا إلى الجهد المبذول لكن الحفر الذي تقوم به الأم وبلا قنوط ينقذ عدداً كبيراً منها في الساعات الأولى من الحياة وتخرج الأخيرة من قشورها بواسطة فم الأم، ومعظم الصغار تكسر قشرة سطح البيضة ولا سيما إذا كان التراب فوق العش محكماً.
إن بداية كشف هذا السلوك التربوي المدهش للتماسيح حدث قبل ثلاثين عامًا وقبل ذلك لم يصدق الناس أن للسلاحف سلوكًا له علاقة بالأمومة، وبعد عدة رحلات ما بين اليابسة والماء فإن العش يصبح صامتًا أي خاويًا وتختفي الأم نهائيًا مع آخر صغارها أسفل ضفة النهر، لكن واجبها بعيد عن النهاية.
في مثل هذا العمل لا تزال الصغار تعيش على المحِّ - بإذن الله - باستطاعة الصغار العناية بأنفسها بعد ستة أشهر من ولادتها، ويكتشف الصغار الطرائد على مدى أكبر في النهر، سبب نجاح التماسيح هو مقدرتها اسكتشاف طرائدها على مدى واسع بدءًا من الحشرات حتى الجواميس.
حاليًا لا يسبب صغير هذا التمساح تهديدًا للإوزة، والآن عندما يتحرر التسماح الصغير من رعاية أمه يواجه تهديدًا لسلامته إذ على هذه التماسيح الصغيرة أن تبتعد عن طريق التماسيح الكبيرة والتي ترى فيها وجبة سريعة خفيفة.
من الصعوبة بمكان إيجاد ضفاف ضحلة على النهر، ينساب الماء ببطء مخلفًا شواطئ رملية بينما يترك في الخارج منحنيات معلقة، هذه العوامل الطبيعية التي تحصل لهذا النهر تؤثر نتائجها في التماسيح وحيوانات فرس النهر، إنها رحلة شاقة لحيوانات فرس النهر، يزيد وزن فرس النهر عن طنين خطوة خاطئة تسبب له سقوطًا في الانحدار تودي به إلى الهلاك.
على حيوانات فرس النهر النزول إلى الماء مرة واحدة كل يوم تقريباً، أفراس النهر ترعى معظم الأحيان ليلاً، والحالة الشاذة الوحيدة لهذه القاعدة عندما يكون الجو ملبدًا بالغيوم فنراها تبحث عن طعامها في النهار أيضاً، طريقها الأخدودي له فائدة لأنواع أخرى من الحيوانات، ومن دون هذا الأخدود فإن الضفة السحيقة العمق ستكون ممرًا مستحيلاً على غزلان تومبسون المخططة، إن الممر الضيق هو مصدر رعب، تتجول هذه الغزلان صعودًا وهبوطًا، لكن رغبتها في الوصول إلى الجهة الأخرى من النهر أمر فيه إرباك، تمكن أخيرًا من النجاة بحياته بفضل الله، كل شيء هنا يبدو جميلاً مياه ضحلة وضفة مكشوفة إن عدو الغزال اليومي هو القطط الكبيرة سمعت الغزلان بالتماسيح لكن معظمها لم يؤذها من قبل، لكن هذا التماسيح رأت هذه الغزلان من قبل ولعدة مرات وفي الحال ودون أي تسرع كان قطيع التماسيح على أهبة الاستعداد.
وحتى اللحظة فإن الغزلان لم تدرك الخطر المحدق بها، أدركت فقط أن لديها مشكلة خطرة، أكثر من عشرين تمساحًا يشارك في مجزرة مخيفة كل عام، كل تمساح يصطاد بنفسه هكذا طرائد صغيرة من الغزلان والذكور المسنة من التماسيح لا تتعب من المساهمة فهي تستطيع ابتلاع غزال توموسون دفعة واحدة، التماسيح الأصغر أكثر تعاونًا حيث تجد صعوبة في تقطيع الغزلان، إنها بحاجة إلى مساعدة شريك آخر من طينتها، في بداية شهر أغسطس يصل النو إلى النهر، لا نية لها في عبور النهر فالعيش كافٍ حولها.
إن حيوانات النو تأتي إلى هنا خلال هجرتها السنوية، بعد أسابيع قليلة تصبح السهول مغطاة بالماء والقطعان تحاول يائسة الرحيل إلى مراعٍ جديدة.
إنها تريد عبور النهر، ولكن مجراه يجرها إلى هذا المكان وكأنها في بؤرة، وجدت نفسها تكافح في تيارات ماء عارمة ومخادعة، انجرفت الحيوانات بعيداً، تتجنب التماسيح هكذا فوضى،من بين كل أخطار العبور فإن حيوانات النو على الأقل نسبيًا تكون آمنة من خطر التماسيح طالما هذه الحيوانات تلتصق ببعضها البعض، وفي غضون ذلك وجد القطيع طريقًا أسهل للعبور، الصيد هنا ليس بالسهل للتماسيح إذ لا تستيطع بسهولة التقاط طريدتها من على الضفة وكذلك فإن هذه الحيوانات أكثر قوة ورشاقة من غزلان تومسون، لكن المتخلفة منها أعطت الفرصة للتماسيح،إن حيوانات النو على الضفة غير واثقة بسيرها، لقد تخطت حيونات النو المنحدر وأصبح العبور سهلاً والمنظر جامعاً لآلف من الحيوانات في الماء، إن كثرتها فقط في حشد كهذا هو الخطر الوحيد، وأي انزلاق سيكون مميتًا، إن عجول النو فقدت الاتصال بأمهاتها وكانت تركض حول حافة الطريق وأصبح عمرها الآن ستة أشهر فقط.
المنحدر في أسفل النهر جعل القطيع بعيدًا عن الجزء المحبب من النهر، الشواطئ الصخرية بشجيراتها الكثيفة تبطئ النزول لعبور نهر، إن الفوضى في المجموعة الرئيسة كانت خطيرة بالنسبة إلى الغزلان، على الغزلان الإسراع فحالما تذهب آخر مجموعة من حيوانات النو سوف لن يكون لديها أي حماية عند وصولها إلى الماء، اندفعت القطعان، وبقي بعض الحيوانات المتخلفة التي لم تسلم من التماسيح.
يزود النهر الطيور التي تقتات بالفضلات لأسابيع، تأخذ النسور الأمور بسهولة، حصر القطيع الذي كان موجودًا في منحنى النهر، حيوانات الحمار الوحشي والأثقل بكثير من حيوانات النو وبالتالي من الصعوبة جرها التماسيح الكبيرة وحدها تقدر على هذا، انتشر القطيع عادة ما تحتاج التماسيح لدقائق معدودة لتقييم الوضع.
إن التمساح الذكر المسؤول بدأ الهجوم أولاً حتى إن هذا التمساح الكبير لم يستطع جر فريسته إلى المياه الضحلة، وبقي الحيوان واقفًا على قدميه، انتهز التمساح الفرصة المناسبة لاختيار ضحية منفردة، فاجأته رفسة غير متوقعة على ظهره ربما يكون السبب أن هذه التماسيح ابتعدت عند العبور الجماعي إنها تعرض أعمدتها الفقرية لعدة مئات من الكيلو جرامات، وبالتالي وجدت حيوانات الحمار الوحشي نفسها محصورة في بقعة عند الجدار المنحدر للضفة ما عليها إلا العودة وما على قطعان التماسيح إلا الانتظار، التماسيح تهاجم، ولكن بلا جدوى، والمرة تلو الأخرى ينقاد الحمار الوحشي إلى الماء الهادئ والمخادع.
الحمار الوحشي الأول أُمسكَ من أنفه من قبل تمساح آخر وخلاصة الأمر أنه يعاني، والحيوان الثاني لم يسلم أيضاً، التماسيح الآن ليست في حاجة إلى السرعة فالفريسة أصبحت حتمًا ملكًا لها إن الحمار الوحشي ضعف بسبب نزف دمه وبعد دقيقتين جُرَّ نهائيًا تحت الماء.
وأخيرًا وجدت هذه الحيوانات خلاصها في أخدود حيوانات فرس النهر الكل لعب دورا والكل أراد المساهمة في المسيرة.
قلة من التماسيح بذاك الحجم الكبير تستطيع وحدها أكل حمار وحشي قُتل حديثاً، تأخذ التماسيح قسمًا من الفريسة وتلتف حولها وإذا لم تكن هذه القطعة مثبتة بطريقة أو بأخرى فسوف تدور معها، هذا المنظر من العنف والدم ربما يبدو كريهًا لنا في الواقع إن نمط حياتها أقل تعطشًا للدم من نمط حياتنا وبسبب الحاجة تتدبر أمرها للحصول فقط على وجبة كبيرة من اللحم كل عام.
في غضون عام هذا القطيع الكبير من التماسيح قتل حوال خمسين ظبيًا وحمارًا وحشيًا إنه صياد ذكي ومحنك.
إن ذئاب الماء هذه أي التماسيح حافظت على إرث أسلافها منذ العصور.